لم يتساءل كثير من الناس عن ماهية المهمة الحقيقية التي أنيطت بسيّء الصيت والسمعة ، الجاسوس البريطاني الشهير… توماس إدوارد لورنس ، والمعروف ب لورنس العرب … لقد عرف أن هذا الجاسوس قد تنطّح لمهمة تأليب القبائل والعشائر العربية ضد الدولة العثمانية ، وهذا صحيح ، ولكن الرجل اضطلع بمهمة أخرى لم يتحدث أحد بها ، وهي الاستطلاع النفسي والقيمي لأولئك الذين ستقوم إمبراطوريته لاحقًا بانتدابهم لقيادة الممالك السبعة ، والتي ستمثل فيما هو آتٍ من العقود ، ركنًا مهمًا في صميم المشروع الصهيوأنجلوساكسوني … المعايير التي أخضع لها قادة المستقبل كانت ببساطة تعطي سدة الحكم للأكثر تأهيلًا لخدمة ذلك المشروع من المنظور الاستعماري … الأنانية والرغائبية والغرائزية والنزوع نحو رفاهة الدنيا والسلطة والسطوة وغياب الانتماء الديني والوطني، وقدراتٌ ومواهب مضمحلّة حتى تسهل قيادته وتوجيهه … و مذّاك ونحن مبتلون بالأراذل ، يسوموننا سوء العذاب ، ولا يحركهم سوى غرائزهم ورغبتهم بالتملّك والاستحواذ ، أمّا الشعب ، والمصلحة الوطنية ، والأمن القومي ، والتنمية ، والنهوض ، فليذهب كل ذلك إلى الجحيم … يحضرني هذا وأنا أستخرج من موقع مؤسسة فوربس ، والتي تُعنى بمتابعة ثروات الأغنياء في العالم ، ثروة عبدالله الثاني سيّد المملكة الهامشية ، والتي تربو ، كما تقول مجلة فوربس ، على ال 18 بليون دولار… مملكة تئن تحت وطأة الديون التي تُجاوِز 125% من الناتج المحلي الإجمالي… و 40% من الشعب هم تحت خط الفقر ، ونسبة البطالة المعلنة هي 22% ، و إذا أضيفت لها البطالة المقنّعة ، فستصل الى 45% … لا تنمية ، ولا إنتاج ، ولا تحديث للبنية التحتية . الزراعة ، أقحمت في لعبة الإقراض الزراعي فبدأت تترنح ، والخصخصة جردت البلد من مصادر دخل شحيحة جعلتها في وضع بالغ السوء من حيث مصادر الدخل … مهمة الحكومة ، أي حكومة ، هي التفنن في الجباية للصرف على العائلة الحاكمة ، وتسديد الديون التي غرقت فيها المملكة حتى الأذنين … ولا أحد يعلم أين تذهب هذه الديون … الكل يعاني ويصرخ ويئن تحت وطأة الفاقة والعوز … بينما صاحب الجلالة هو واحد من أثرى أثرياء العالم … من أين لك هذا يا صاحب الجلالة ، ويا سيّد الوطن …؟
سميح التايه