الحرذون

2 09 2024 7:18 صباحًا
سبتمبر 2, 2024

إحتجاجاتنا على أولئك المتطرفين في أوروبا وأمريكا ، والذين يقومون بحرق القرآن الكريم في مشاهد تكررت كثيرًا في العقد الفائت من الزمن ، كانت تقوم على اساس ان تلك الحكومات التي ينتمي اليها هؤلاء المتطرّفين لم تقم بما يكفي لمنعهم من ذلك ، وان ذلك التقاعس يستدعي منا الشجب والاستنكار بسبب ذلك الموقف المتخاذل والمتواطئ إزاء امتهان ديننا والسماح لبعض الغلاة المارقين بحرق قرآننا من دون تحرّك من قبل هذه الحكومات لمنع ذلك … ممتاز … ما هو موقف حكوماتنا العتيدة ، وكذلك شعوبنا التي تقول انها مسلمة ، وأن الايمان تطفح به قلوبهم عندما يحرق القرآن في مساجدنا في غزة على ايدي جنود الكيان الساقط ، وما هو موقفهم أيضاً من الانتهاكات اليومية لأولى القبلتين ، وثالث الحرمين الشريفين الموجود على أرضنا وفي بلادنا ، وفي قدس أقداسنا … في فلسطين يكثر واحد من أنواع الزواحف ، يدعى الحرذون … كنا ونحن صغارًا في طولكرم ، نجلس ونراقبه وهو واقف على قمة الصخرة بهدوء ومن دون جلبة ، يرفع رأسه ويخفضه بطريقة متتالية ، وبإيقاع منتظم ، وكنا حينما نريد ان نتهكّم من شخص نعرف أنه فاسد مخطاء ، ولكنه يصلي في المساجد ، نقول له ، صلّي صلاتك يا حرذون … أي أنك لا تحمل في جوفك شيء من الإيمان ، وكل الذي تفعله أنك تقوم وتقعد وترفع وتخفض رأسك بلا إيمان ، تماماً كالحرذون … ماذا تبقّى لهذه الأمة من دينها حينما تعطي ظهرها لأطفال غزة وهم يذبحون ، وتقطع أوصالهم ، وتلملم أشلاؤهم المبعثرة … قولوا أسلمنا ولا تقولوا آمنّا … نحن في واقع الحال كنا خير أمة أخرجت للناس … فهل ما زلنا كذلك … ناموا ولا تستيقظوا … ما فاز إلّا النوّم .


سميح التايه
مقالات مختارة من جريدة البناء اللبنانية