لمذا لم يبقَ المسلمون في أُحدٍ فوق الجبل ولو أن المسلمون بقوا لانتصرو،،،
على هذه القاعدة ومن ضمن قواعد كثر تتم مناقشة الأحداث التي مرت في التاريخ القديم والقريب، حيث يحقق القارئ والمختص في مجرياتها المعروفة بشكل شمولي بعد أن حسمت وعرفت نتيجتها، ويكون البحث في هذا الحال أمر أساسي لأخذ العِبر والدروس وإنصافا لعناصر الحدث من أشخاص أو رموز أو مبادئ.
لا شك بأن فطرة الإنسان فضوليه تدفعه للسؤال دوما في ما يجهله، وهذا ما نلتمسه في أطفالنا في أول مراحل وعيهم كثرة السؤال، وهذا أمر جيد فلولا سؤال نيوتن عن سبب وقوع التفاحة عن الشجرة “المشهد الإعتيادي” لما وصل به الحال لإكتشاف قانون الجاذبية.
ولكن هذا لا يعني بأن كل سؤال مشروع، فالفرق بين الطفل “الفطري” والشخص الناضج هو بأن الطفل لا يملك إلا الفطرة وعلامة الإستفهام على شكل فضول، أما الشخص الناضج يملك من مخزوناً معرفياً وحصيلة علمية وأهدافاً تجعله يطرح السؤال على نفسه أولاً في عملية تعرف بالتساؤل، ليعي حقيقة ما يجهل قبل أن يسأل أو يحدد من يسأل وأيضاً لماذا يسأل، فكثيراً ما يسأل الناضج وهو أخبر بالجواب، كالمعلم والمحلل والإعلامي وأيضاً المضلِّل كالمشكك وصانع الفتن، لذا فليس كل سؤال مشروع وليس كل سؤال فطري بريء.
لا يخفى على القارئ المطلع والمتابع للأحداث أن البعض بات شغله الشاغل خلال الحرب القائمة بين المقاومة والعدو الصهيوني أن يطرح الأسئلة، بدافع فضولي أو بدافع تنظيري أو بهدف التشكيك والتضليل، يأتي أحدهم ليطرح سؤاله من منطلق إستفهامي بسيط ليلبسه لباس براءة السؤال المشروع وهدفه التضليل أو التشكيك أو زرع الفتن، وهذا أمر خطير في حال الحرب المندلعة، فنحن هنا لسنا أمام كتاب تاريخ نحقق في حربٍ انتهت وعرفنا نتائجها، الحرب قائمة والسؤال بهذه الحالة له أثر على ضرب الوعي هز الثقة بالنفس وبإمكانية الإنتصار إذا كان السائل منحازاً للعدو، وكثيراً ما يكون السائل على هيئة صديق، تكثر الفتن والمصالح في الحروب والنزاعات فالحذر واجب.
لذلك علينا أن نعلم بأن آداب السؤال ليست قائمة فقط في الأمور الخصوصية التي لا نرغب بأن نفصح عنها، فلا أحد يسمح بأن نسأله عن رقم بطاقة البنك السري مثلاً، فآداب السؤال مطلوبة أيضا في الحروب، فليس من المنطق أن تخرج المقاومة ببيان يحدد كمية السلاح ونوعيته ومداه وفاعليته أو مكانه أو متى تنوي أستخدامه وأين ستستخدمه، وللأسف وصلت في البعض أنهم باتوا يلومون المقاومة وكأنهم أدرى في القتال وكأنهم هم أعلم بالميدان، فهل يفتي قاعد لمجاهد!
علينا أن لا ننسى بأن بنية المقاومة من المقاومين هم آباؤنا وأبناؤنا هم وإخوتنا وأبناء عمومتنا، وهم على قدر الأمانة والثقة وهم أهل تجربة وعلم، فلا تسمحو لتسلل فاجر ولا لصانع فتنة بأن يمس قداستهم وقدسية مشروعهم تحت أي ذريعة أو غطاء، هم رجال الله وأنصار القضية الحق والأقدس هم الذين يتسابقون في التضحية للذود عن أوطانهم وعقيدتهم وشعبهم، نصرهم الله، أيدهم الله، وفقهم الله.
صلاح الدين حلس