الحمدلله الذي حظانا وخصّنا بأن نعيش زمن هزيمة الصهيونية وننظر إليها وهي تحترق، هذا المشروع الأقبح والأعنف والأكثر وحشيّة في تاريخ البشر والذي جسّد خلاصة تجارب الظلم والاستكبار والقهر والاستعمار وسُلّح بأحدث تقنيات القتل والدمار والفتك والإبادة، استوطن فلسطين أجملَ بلدان العالم وقلبَ حضاراته وملتقى قارّاته القديمة والتي احتضنت أجملَ الأنبياء والشهداء وخرج منها أفضلُ الدعوات والرسالات وعاش فيها أطيبُ القلوب والبشر، فطرَد أهلَها وقتّلهم واعتقل وأخضعَ وأهان مَن بقيَ على ترابها، هذا المشروع اللقيط ابن علاقة الزنا بين الإمبريالية باعتبارها أبشع الأنظمة التي عرفها البشر والتي ساهمت في تدمير الكوكب وإفقار شعوبه وتخريب بيئته واستعمار أراضيه ونهب خيراته ووضع الكوكب الأخضر الجميل كلِّه بيدِ حفنةٍ من المجرمين الكبار المعادين للبشر والبشريّة، وبين الصهيونية التي لملمت عصابات الإجرام والقتل وعبَّأتْ قلوبَهم قبل عقولِهم بأسوأ العقائد وأفسد الأيديولوجيات القائمة على العنصرية المطلقة والكره والحقد الدفينين ومعاداة القيم والمجتمعات والأديان وقتل الأطفال الرضّع واستهداف الحرث والنسل، عقيدة عُمِّدت بالدموية والوحشية، في تويلفةٍ أنتجت كياناً لقيطاً غريباً قبيحاً زرع في قلب الوطن العربي والإسلامي، فأثار الفتن والشقاق وأفسد الأرواح والطباع وأوطأ هامات الرجال وعاث بالأرض فساداً وتخريباً وتقتيلاً، فتشتت الشعب وتفرقت الأمّة وتذيّلت الحضارات وخرجت عن ركب التاريخ ومُلئت أفئدتُها وأجيالُها بكره الذات.
في صفقةٍ تاريخيةٍ غير مكتوبةٍ بين رأس المال الإمبريالي من جهة ورؤساء عصابة الإجرام الصهاينة من الجهة الثانية، مفادها أن يعمل القاتل الصهيوني المأجور على تأسيس قاعدة مافيوية عسكرية متقدمة للإمبريالية يقطنها ويديرها يهود مستوطنون غزاة ، تعمل كلَّ ما يلزم عمله لتحقيق مصالح الإمبريالي بعد أن تقتطعَ المافيا الصهيونية وعصابات الإجرام والقتلة المتسلسلين حصصهم لقاء تنفيذ المهام الملطَّخة بدماء الأطفال وصرخات النساء وآهات العجائز، وفي المقابل توفّر له الإمبريالية التي حاولت لعبَ دور الذئب في ثياب الحملان كل أشكال وأصناف الدعم اللازمة بكميات غير مشروطة أو محدودة.
وفي مواجهة المشروع الذي مثّل خلاصة الشرِّ التاريخي مستفيداً من كل تجارب الإبادة والاستعمار والنهب والإخضاع عبر التاريخ مسلّحاً بأحدث تقنيات القتل وأسلحة الدمار الشامل، خرجت مقاومة عربية إسلامية موحّدة جسّدت خلاصة تاريخ الخير في العالم مستفيدة من كل تاريخ الثورات والانتفاضات وحركات التحرر وحروب الشعب والمغاوير في التاريخ ومسلّحةً بإيمانٍ لا يراوده الشكّ وإرادةٍ لا تلين وبأسلحةٍ صنّعتها بأيديها وبخططٍ صمّمتها بحِمَتها، وحملت أرواحها على راحاتها وألقت بها في مهاوي الردى، وهتفت قلوبها: إمّا حياة تسرّ الصديق وإما ممات يغيظ العِدى، وما العيشُ، لا عشتُ إن لم أكن مخوفَ الجنابِ حرامَ الحمى، مبتغيةً إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة على طريق القدس وفي سبيل عالم يسوده الحسنيان معاً الجمال والعدل.
فدهمت الكيان اللقيط المؤقت من كلِّ حدبٍ وصوب، وجعلت من أرضه جحيماً، وسمائِه جحيماً وحوَّلت لبنه إلى ذعر وعسله إلى دم، وأمطرته بحجارة من سجّيل وحاصرته خلف جَدْره ورمته بأجسادها الحرّة الطاهرة الشريفة، لا تعرف بوصلتُها إلّا القدس قبلةً ووجهةً، ولا تميّز صفوفُها بين دينٍ ودين، وطريقةٍ وطريقة، ومذهبٍ ومذهب، فلا فضل فيها لعربي على أعجمي ولا لسنيّ على شيعي ولا لمسلمٍ على مسيحي إلّا بالتقوى والمقاومة، وقررت على قلب رجل واحد إنهاء الظلم التاريخي ونصرة الشعب الفلسطيني وحماية أطفال فلسطين وأطفال العالم من وحش غرز أنيابه في كل لحم وكل قلب. فلتقلع إذن أنياب الوحش وليُقتلع الوحش.
نعيش هذا الزمن بقلوبٍ خاشعة وهاماتٍ شامخة وبعينين إحداها عُلّقت بالقدس والأخرى تنظر إلى الصهيونية وهي تحترق.
علي حمد الله فلسطين 🇵🇸 🇵🇸