“السيد نصرالله تعليمي وهو أكثر القادة السياسيين صراحة وإبهاراً على الساحة العالمية” – نورمان فينكلشتاين
البروفيسور نورمان فينكلشتاين في مقابلة هذا الشهر تحدث عن إيران وحزب الله. هذا بعض مما قاله:
“قائد حزب الله – السيد نصرالله – أتابع خُطَبَهُ عن كثب لأنها تعليمية وتوجيهية للغاية، ولكن خطبه الأخيرة كانت غير عادية بالنسبة له …غير عادية. فهو صريح جداً في خطبه، وفي آخر خطبة قال أولاً، إن إسرائيل لديها التفوق التكنولوجي. هذا أمر غير عادي بالنسبة لقائد عربي، خاصة قائد فخور، أن يقول بصراحة أنهم متفوقون علينا. ثانياً، قال إننا تلقينا ضربة كبيرة مع اختراق استخباراتنا. لذلك هو تعليمي وأصدق وأكثر القادة السياسيين إبهاراً على الساحة العالمية. ما كان مفاجئاً في خطبته هو… أنه استمر في قول “سنوقف الرد إذا أوقفتم إطلاق النار في غزة… سنوقف الرد إذا أوقفتم إطلاق النار في غزة”، وكان الأمر وكأنه… لا أريد أن أسيء إليه… لكنه خرج وكأنه رجاء…وقد يقال أنه يبحث عن مخرج، ولكن لا أظن الأمر كذلك .. إنه يحاول أن يقول “نحن لا نريد هذه الحرب”.
من السهل جداً فهم ما هي استراتيجية حزب الله، لأن إسرائيل تنتصر بالهجمات الجوية بسهولة لا شك في ذلك – لا توجد دولة في الشرق الأوسط يمكن أن تنافس القوة الجوية لإسرائيل، ولكن تخسر بسهولة في الغزو البري. لذلك يخشى الإسرائيليون الغزو البري لسبب بسيط – صدق أو لا تصدق – لا يريدون أن يموتوا، ولكنهم يحبون القتل. إنه ممتع بالنسبة لهم قتل العرب، إنه أكثر متعة من صيد السمك في برميل. هم مفعمون بالحماسة ويشعرون بالنشوة بقتل العرب، بما في ذلك الأطفال. إنهم يحبون إطلاق النار على الأطفال.. في الرأس …كما كان شائعاً جداً وفقاً للأطباء الذين خدموا في مستشفيات غزة العام الماضي. قالوا إن الأطفال كانوا يأتون بدون أي شظايا على أجسادهم، فقط رصاصات في رؤوسهم. وخلال مسيرة العودة الكبرى في عام 2018 كما جاء في تقرير الأمم المتحدة – وهو تقرير ضخم من 250 صفحة بخط فردي – قالوا إن الكيان استهدف الأطفال بشكل خاص – ليس لقتلهم، لأن قتل الكثير من الأطفال العزل لا يُقبل إعلامياً -إن نُشر- بل استهدفوا ركبتهم وأسفل الركبة لإلحاق إصابات دائمة. يحب الإسرائيليون قتل العرب، إذلال العرب، تحقير العرب، تعذيب العرب، لكنهم لا يحبون قتالهم، وبشكل خاص لا يريدون قتال حزب الله.
قال نصرالله في خطبته قبل بضعة أشهر إن هناك أكثر من 100,000 مقاتل. إذا كان هذا الرقم دقيقاً، فهو رقم كبير جداً. لذلك أراد الإسرائيليون أن يدخلوا ويدمروا، يقضوا، يسحقوا، ولكن أن لا يبدؤوا الغزو البري. وهذا مشابه لما حدث في 7 أكتوبر، بدأوا الحشد عبر الحدود في اليوم التالي في 8 أكتوبر، ولكن لم يطلقوا الغزو البري حتى 27 أكتوبر، لأنهم احتاجوا أسبوعين لتدمير كل شيء أمامهم وتحويله إلى غبار، حتى لا يكون هناك أي مقاومة. إذا نظرت إلى الأرقام الفعلية، ولاحظت أن اسرائيل لا تعطي أبداً أرقام ضحاياها – في العام الماضي، كم جندياً قُتل؟ لا يمكنك العثور عليه في أي مكان. لقد قالوا قبل ثلاثة أسابيع “إننا فقدنا الآن المزيد من الجنود خلال الأشهر العشرة الماضية أكثر مما فقدنا في 7 أكتوبر”. في 7 أكتوبر، قتل 313 جنديًا إسرائيليًا والبقية كان عددهم 800 مدني. إذا قمت بحساب بسيط، فإن ذلك يعني أن واحدًا من الإسرائيليين كان يُقتل كل يوم. واحد! لم يكن هناك حرب برية في غزة، كان هناك تدمير جوي شامل في غزة.
لذلك يأمل نتنياهو من أن يتمكن من القضاء على لبنان عبر الجو. استراتيجية حزب الله واضحة تماماً: سيواصلون إطلاق الصواريخ على إسرائيل، لكنهم لن يقوموا بهجوم شامل. في كل مرة يعلن فيها نتنياهو النصر على حزب الله، سيطلق حزب الله المزيد من الصواريخ، وسيقوم الإسرائيليون بعد ذلك بإلحاق المزيد من الدمار الجوي، يعلن النصر، ثم يطلق حزب الله المزيد من الصواريخ ليجعل الوضع سياسيًا غير مقبول لإسرائيل وسيضطرون لبدء الغزو البري. إذا استمعت إلى خطاب نصرالله الأخير، قال حرفياً “تفضلوا بالغزو… تفضلوا بالغزو… نحن نرحب بالغزو”. بهذا العدد (إن كان صحيحا) 100,000 أو 75,000، مقاتل…. فإن حزب الله يأمل بها، حتى يتمكنوا أخيرًا من تسوية الحسابات مع تلك الدولة الشيطانية، رجلاً لرجل في قتال مباشر. الإسرائيليون يخشون الحرب البرية، وحزب الله يتوق لها، والطريقة الوحيدة التي يمكنه من خلالها فرض الحرب البرية هي الحفاظ على صواريخه وقذائفه في الاحتياط، ومنع نتنياهو من إعلان النصر. هذا ما حدث في 2006، حينها حشد الإسرائيليون قواتهم على الحدود مع لبنان، ولم تدخل القوات الإسرائيلية لبنان إلا بعد 72 ساعة – كانت الحرب قد استمرت 33 يومًا – ولكن لم تدخل القوات إلا في اللحظات الأخيرة، وكان قد صدر بالفعل قرار من مجلس الأمن بوقف الحرب. لأن إسرائيل توسلت إلى الولايات المتحدة للحصول على ذلك القرار لأنهم لا يريدون الغزو البري، سيكون كارثة.
أقول بكل ثقة، رغم أنني جاهل تماماً بالشؤون العسكرية، أنه إذا حدث ذلك، فسيكون كارثة على إسرائيل لأن هؤلاء الناس لا يخشون تقديم أرواحهم لتسوية الحساب مع تلك الدولة الوحشية التي تسببت بكل كبرياء وغطرسة في الكثير من الموت والدمار، والألم والمعاناة “.
ترجمة – رنده سكسك