الدعاء بالسلامة والولاء للمقاومة
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
ملايين من محبي المقاومة والمنتصرين لفلسطين باتوا ليلتهم يلهجون بالدعاء بالسلامة لسماحة السيد حسن نصرالله، بعد الإعلانات المتتالية من جيش الإحتلال عن استهدافه مع قادة من المقاومة في العدوان الإجرامي الذي أباد حيا سكنيا كاملا في الضاحية الجنوبية، ويلتزم المحبون بالإبتعاد عن الفضول والتطفل بالمزيد من السؤال رغم القلق، طالما أن حزب الله يلتزم الصمت، وينصرفون بقلوب تعبة ومرهقة بالحب والأمل والألم، لمتابعة المشهد الذي يمثل جوهر رسالة السيد لكل محب، المقاومة ومستقبل الحرب التي تنخرط فيها دفاعا لأجل فلسطين، ومهما كان ما ستحمله أنباء اليوم فإن الذين بايعوا السيد لأجل فلسطين عند بيعتهم لا يبدلون حرفا، يتمنون أن يقودهم هو نحو الصلاة في المسجد الأقصى، لكنهم يسلمون بالأقدار، ويباركون شهادة القادة، ويدعون الله أن يستأخر موعد لقائه بالسيد حتى يكمل بهم المشوار.
المنطقة تغيرت صورتها مع مشهد الأمس، ودخلت مرحلة جديدة مختلفة كليا عما كانت عليه قواعد الحرب، فقد قلب كيان الاحتلال الطاولة بوجه العالم كله، وهو لن يكن ليستطيع ارتكاب هذه الجريمة لولا الشراكة الأميركية الكاملة، وواشنطن التي تدعي دائما أنها ليست طرفا، تقيد على دول العالم استخدام شاحنة عسكرية تبيعها لهم، لكنها غير معنية عندما تكون احدث طائرة أميركية مزودة بأضخم قنبلة اميركية هي التي قامت بارتكاب هذه الجريمة في الضاحية الجنوبية، ولا تنسى أن تضيف مع ادعاء عدم الشراكة انها تؤيد “حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها”
خطاب بنيامين نتنياهو كان واضحا أمام الأمم المتحدة، أنه ذاهب بحربه الى أبعد الحدود بلا ضوابط وبلا سقوف، ويقدم هذه الحرب للغرب ولبعض العرب بصفتها حرب محور النعمة، في مواجهة محور النقمة، لكنه لا يخفي أنه يريد استعمال بعض العرب في هذا النص من باب المصلحة عندما يضع حربه ضمن مفهوم صدام الحضارات، مكملا ما قاله في خطابه أمام الكونغرس قبل شهرين، والحضارتين المعنيتين بالصدام وفق معادلاته هما حضارة الغرب في جهة وحضارة الشرق وجوهرها الإسلام في الجهة المقابلة، ويفتح بهذه الحرب الباب على مصراعية أمام انفجار كبير في المنطقة، ويقول للغرب سواء بتنسيق مسبق مع واشنطن أو من دونه، إما أن تلحقوا بي و تنضموا إلى هذه الحرب أو تتلقوا شظاياها رغما عن أنوفكم، لأن انفجار المنطقة سوف يعني حربا تغلق معها البحار أمام تدفق النفط والغاز، وهي حرب لا تجارة فيها بين الشرق والغرب طالما أن العبور في هذه المنطقة إلزامي، وهي حرب سوف تضخ الى الغرب الأوروبي خصوصا ملايين المهاجرين، والمهجرين، ومع كل ذلك اضطرابات وفوضى.
بما يعني المنطقة أقفلت الأبواب أمام السياسة والتسويات والمفاوضات حتى إشعار آخر، حتى ينجلي غبار الحرب عن وقائع لا تقبل النقاش، تفتح باب النهايات الحاسمة أو تعيد فتح أبواب السياسة والتفاوض، والذين يقدمون أنفسهم كجزء من خيار المقاومة وثقافتها مطالبون بأن يفهموا أن شعوب المنطقة لا تملك ترف النقاشات الفرعية التي يفتحها بعضهم لتوجيه الانتقادات لقوى المقاومة والتفسلف عليها والقول ما يجب وإن ينبغي، فبلادنا لا تملك إلا هذه المقاومة، وهي خيرة ما انتجه تاريخنا، ولو كان هناك من هو أفضل منها لرأيناه في الميدان يتقدم عليها ويرسم المعادلات، وليس في الصالونات المكيفة يطلق النظريات، وفي حالات الحرب تصبح الأمور كما في الأديان، متى آمنت واتبعت نبيا وكتابا، لا مبرر للنقاش في جدوى الصوم أو الصلاة، لأنها أركان تستمد شرعيتها من الإيمان، ومن يريد الحرية والتحرير وفلسطين، يعلم أنه في هذه الحقبة ليس لنا الا هذه المقاومة، هذه هي مقاومتنا التي ترفع بانجازاتها وتضحياتها رؤوس كل أحرار بلادنا والعالم، والنقد والتشكيك والتفلسف اشتراك غير مقبول في إضعافها، وكما سرنا وراء مسيرة جمال عبد الناصر ومسيرة حافظ الأسد ومسيرة أبو عمار ثم مسيرة جورج حبش، نرى اليوم أن كل عظمة انجذبنا إليها في هذه الحقب تتجدد بابهى ما فيها مع مسيرة السيد نصرالله حماه الله، لا خيب الله لنا الدعاء.