منذ يوم أمس وحتى اليوم قيل الكثير عن هذه العملية الفدائية، عن أسبابها وأهدافها وتداعياتها، فهناك من اعتبرها “فردية”، وهناك من “حذر” من أن الكيان الإسرائيلي سيتخذها ذريعة، لقضم المزيد من الأراضي المحاذية للحدود مع الأردن، ضمن المخطط الذي عُرف بـ”صفقة القرن”، ولفرض السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية الكاملة على طول الحدود بين الجانبين، في مخالفة صريحة وواضحة لما نصت عليه اتفاقية وادي عربة لـ”السلام” الموقعة بين الطرفين الأردني والإسرائيلي عام 1994، كما فعل مع مصر عندما “انتهك اتفاقية كامب ديفيد وملاحقها” وفرض سيطرته العسكرية على محور فيلادليفيا.


-اولًا وقبل كل شيء هذه العملية ليست “فردية”، بمعنى أنها وقعت بمعزل عما يجري في المنطقة، فشعوب المنطقة تعيش حالة غضب عارمة لما يجري بحق إخوتهم في غزة، وإن هذه العملية سبقتها العديد من العمليات التي نفذها أبناء الشعب الأردني دفاعًا عن إخوتهم في فلسطين، ومن المؤكد أنها قد تفجر فوهة بركان الغضب المكبوت في صدور الشعوب العربية والإسلامية والحرة، وخاصة الشعب الاردني الذي تربطه وشائج قوية مع الشعب الفلسطيني، وقد نشهد خلال الفترة القادمة المزيد من هذه العمليات، بعد أن تخلت أغلب الأنظمة العربية عن غزة وعن فلسطين، وبعد كل الدعم الأمريكي والغربي للتوحش الإسرائيلي.


-إن ما يقال عن احتمال استغلال الكيان الإسرائيلي العملية الفدائية، لقضم المزيد من الأراضي أو فرض حالة جديدة على معبر الكرامة، فهي احتمال غير وارد اصلًا، لسبب بسيط، وهو أن المعبر بات الرئة التي يتنفس منها الكيان الإسرائيلي اقتصاديًا وحياتيًا، بعد إقفال اليمن للبحر الأحمر أمام السفن المتوجهة الى الكيان ، كما أن أي تغيير في انتشار القوات على الحدود التي تصل 335 كم، يعني أن ينشر الكيان فرقًا عسكرية على امتداد هذه الحدود وبالتالي سيتخلى عن أهدافه في غزة والضفة ولبنان.


-عملية الكرامة، جاءت لتؤكد على فشل أمريكا والكيان الإسرائيلي، في تطويع الشعوب العربية وتزييف وعيها، عبر التطبيع، وبالتالي حصر القضية الفلسطينية في مساحة جغرافية ضيقة في فلسطين، كما أنها جاءت لتؤكد أن نتنياهو وعصابته أخطؤوا عندما اعتقدوا أن بالإمكان الاستفراد بغزة، كما أكدت على فشل سياسة نتنياهو، التي لطالما ربطت كل مقاومة ضد كيانه على أن مصدرها إيران، وأن كيانه ليس له مشكلة مع شعوب المنطقة وأنظمتها، كما جاءت لتؤكد على فشل نتنياهو وكيانه، في وصف فصائل المقاومة في المنطقة على أنها “وكلاء لإيران”.
-يرى أغلب الخبراء والمحللين، أن كل محاولات وجهود أمريكا لوأد القضية الفلسطينية، عبر التطبيع والتسوية، مع الكيان الإسرائيلي فشلت، فالإنسان العربي والمسلم، لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي.

عبدالله محمد حسن العماري – اليمن