يواجه الأسرى الفلسطينيون تصعيدًا دمويًا متواصلًا منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، تجسّد في ممارسات قمعية ممنهجة شملت أشد أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، والعزل الانفرادي، والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، ما يعكس الوجه الانتقامي السافر الذي تنتهجه سلطات الاحتلال بحقهم.

ويشنّ سجّانو الاحتلال هجومًا وحشيًا وغير مسبوق على الأسرى الفلسطينيين داخل الزنازين والمعتقلات، في إطار سياسة تهدف إلى كسر صمودهم وتحطيم إرادة قيادات الحركة الأسيرة، وفي مقدمتهم قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعلى رأسهم الأمين العام أحمد سعدات، ومسؤول فرعها في السجون القائد عاهد أبو غلمي.

وبحسب مركز “حنظلة للأسرى والمحررين”، فقد جرى نقل القائد عاهد أبو غلمي، عضو المكتب السياسي للجبهة ومسؤول فرعها في السجون، من سجن “عوفر” إلى سجن “جلبوع” قبل أسبوعين، عقب تعرضه لاعتداء جسدي عنيف أثناء عملية النقل.

ويُعد القائد أبو غلمي من أبرز قيادات الحركة الوطنية الأسيرة، وهو قائد الجناح العسكري للجبهة الشعبية في الضفة المحتلة، والمسؤول الأول عن الخلية التي نفّذت عملية اغتيال وزير السياحة الصهيوني “رحبعام زئيفي” في القدس المحتلة، بتاريخ 17 تشرين أول/أكتوبر 2001، ردًا على اغتيال الاحتلال للأمين العام للجبهة، الرفيق أبو علي مصطفى. وقد صدر بحقه عام 2008 حكم بالسجن المؤبد، إضافة إلى خمس سنوات، وتعرض للعزل الانفرادي مرارًا، كما مُنعت عائلته من زيارته لأعوام طويلة.

نقل تعسفي واعتداء وحشي

وفي حديث خاص لـ “بوابة الهدف“، عبّرت وفاء أبو غلمي عن قلقها العميق إزاء مصير زوجها عاهد، الذي نُقل قبل أسبوعين من سجن “عوفر” إلى سجن “جلبوع”، أحد أكثر السجون “الإسرائيلية” سوءًا من حيث ظروف الاحتجاز والمعاملة، بحسب شهادات الأسرى والمؤسسات الحقوقية.

ووصفت أبو غلمي سجن “جلبوع” بـ”المسلخ البشري”، مشيرةً إلى أنّ “عملية نقله جرت بطريقة وحشية، حيث تعرض للضرب والإهانة، وحتى الآن لا يتمكن محاموه من زيارته أو الاطمئنان عليه”.

أدوية مجهولة وأجساد منهكة

وأوضحت زوجة الأسير، أنّ “آخر زيارة لعاهد كانت في 27 سبتمبر 2023، وكان بصحة جيدة ويزن نحو 95 كيلوغرامًا، قبل أن يهبط وزنه مؤخرًا إلى 65 كيلوغرامًا، ويتناول أدوية مجهولة، ما يثير مخاوف خطيرة بشأن حالته الصحية”.

وأكدت وفاء أن ما يجري بحق زوجها، وقيادات أخرى مثل أحمد سعدات وحسن سلامة، يُعد “محاولة تصفية جسدية ممنهجة، تهدف للضغط على المقاومة والوسطاء الدوليين لفرض تنازلات سياسية”.

70 شهيدًا في السجون وإهمال طبي

ولفتت إلى أنّه “منذ بدء العدوان، استشهد أكثر من 70 أسيرًا داخل السجون، ووفقًا للتقارير الواردة من داخل المعتقلات فإن الوضع كارثي، فبعض الأسرى بات وزنهم لا يتجاوز 45 كيلوغرامًا، وآخرون فقدوا حياتهم نتيجة الإهمال الطبي والتجويع المتعمّد”.

وشددت أبو غلمي، على أنّ الاحتلال يمنع الزيارات، ويستخدم الكلاب البوليسية في الاقتحامات، ويصادر أدوات التنظيف والدواء والطعام، بينما في المقابل تُعامل المقاومة الأسرى الصهاينة معاملة إنسانية، وتوفر لهم الغذاء والعلاج وحتى الخروج إلى البحر، في مشهد يعكس “ازدواجية فاضحة” في المعايير الدولية.

“بن غفير” يفرض قيودًا وتضييقًا على المحامين والأسرى

وبيّنت وفاء أنّ وزير الأمن القومي الصهيوني “إيتمار بن غفير” يقود حملة ممنهجة لكسر إرادة الأسرى، وعلى رأسهم قيادات الحركة الأسيرة، في ظل صمت وتقصير دولي فاضح، حيث لا تتمكن أي منظمة حقوقية من زيارة الأسرى أو الاطلاع على أوضاعهم.

وفي هذا الإطار، أكدت زوجة الأسير أبو غلمي أنّ المحامين، سواء من هيئة شؤون الأسرى أو مؤسسة الضمير أو نادي الأسير، يعملون في ظل ظروف صعبة وقيود قاسية تفرضها سلطات الاحتلال، في وقت يصعب فيه التواصل مع قيادة الجبهة الشعبية في غزة نتيجة العدوان واستهداف القيادات.

وتابعت وفاء: “نحن كعائلات ونشطاء في قضايا الأسرى نحاول توثيق معاناتهم ونقلها إلى العالم عبر مركز حنظلة، والصحفيين، ووسائل الإعلام المختلفة”، مشيدةً بجهود الإعلام الفلسطيني في فضح الانتهاكات المرتكبة بحق الأسرى، لكنها انتقدت في المقابل “تقاعس الإعلام الدولي والمؤسسات الحقوقية العالمية عن القيام بدورها، وغيابها الصادم في مواجهة هذه الجرائم”.

الإعلام الدولي يتجاهل معاناة الأسرى

واستنكرت أبو غلمي التركيز الإعلامي العالمي على الأسرى “الإسرائيليين”، مقابل تجاهل معاناة الأسرى الفلسطينيين، قائلة: “لماذا لا يُستضاف أسرى قضوا أكثر من 40 عامًا في سجون الاحتلال، مثل نائل البرغوثي، في لقاءات دولية للحديث عن الانتهاكات؟ لماذا لا يُسلط الضوء على جثامين الشهداء المحتجزة، مثل جثمان وليد دقة، الذي انتهت محكوميته لكنه استشهد بعد عامين من الإهمال، ولا يزال جثمانه محتجزًا؟”.

وختمت وفاء حديثها بالقول: “نأمل أن تتوقف الحرب على غزة، وأن يتوقف التهجير القسري، وأن تدخل المساعدات الإنسانية إلى أهلنا، وأن يُنقذ الأسرى من هذه الإبادة الممنهجة”.

وأشادت في ختام تصريحها بجهود المقاومة، مؤكدة أنها “الضامن الحقيقي لإتمام صفقة شريفة تضمن حرية أسرانا، فهم أملنا”.

الشعبية تحمل الاحتلال مسؤولية حياة سعدات وجميع الأسرى

بدورها، حمّلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سلطات الاحتلال، ورئيس حكومتها “بنيامين نتنياهو”، ووزير أمنها “بن غفير”، المسؤولية الكاملة عن حياة أمينها العام أحمد سعدات، الذي يواجه ظروفًا صحية وإنسانية خطيرة في عزل سجن “مجدو”، عقب تعرضه للاعتداء والتنكيل خلال نقله الأخير.

وأشارت الجبهة إلى أنّ الهجمة تطال أيضًا القائد عاهد أبو غلمي، وعددًا من قيادات الأسرى من فصائل المقاومة، بينهم حسن سلامة، وعبد الله البرغوثي، وإبراهيم حامد، الذين يواجهون أوضاعًا قاسية في سجون الاحتلال.

وأكدت الجبهة أنّ ما يتعرض له سعدات ورفاقه يُعد جريمة صهيونية متعمدة ضمن سياسة تصفية جسدية ونفسية ممنهجة تستهدف قادة الحركة الأسيرة، عبر الإهمال الطبي والتعذيب والعزل والتجويع.

وجددت الجبهة التزامها بتحرير الأسرى، داعية جماهير الشعب الفلسطيني وأحرار العالم إلى التحرك العاجل من أجل وقف هذه الانتهاكات وفضح جرائم الاحتلال بحق الأسرى في المحافل الدولية.

خاص_ بوابة الهدف الإخبارية – فلسطين المحتلة

الأستاذ أحمد زقوط -قطاع غزة