صاروخ سقط غير بعيد عن مركز مطار بن غوريون. لو بُرمج الصاروخ ليقصف قاعات الإنتظار في المطار لكانت كارثة لا قبل لنتنياهو بها.
هو صاروخ رسالة والرّسالة بليغة والرّسالت فعلت وأثّرت في أكثر من اتّجاه بل أربكت الحسابات وأدخلت على المُعادلات القائمة كلّ الشكوك. اليمن تهديد لمركز النظام الرّسمي العربي الخليجي منذ فترة وتهديد للصّهاينة وتهديد لأمريكا وبريطانيا ولا أحد يملك حلّا للورطة اليمنيّة. ماذا لو سقط ذات الصاروخ وأصاب حاملة الطائرات الأمريكية أو بارجة من البوارج المرافقة؟ ماذا لو أصاب أرامكو في مقتل؟ ماذا لو بلغ مخازن الأمونيا في حيفا أو ديمونا؟ خصوم اليمنيين تحسبهم جميعا ومصالحهم شتّى وكلّ معنيّ بمصالحه قبل غيره. حتما المقاربة السعودية غير المقاربة الصهيونية وغير المقاربة الأمريكية. لأوّل مرّة نرى تضارب مصالح بينهم ولأوّل مرّة يتفرّقون أو يكادون. هذا ليس قليلا.
السؤال: لماذا لا يذهب اليمنيون بعيدا باستهداف الخصوم دفعة واحدة بحزمة من الصواريخ شبيهة بالصاروخ الذي أرعب شركات الطيران في مطار بن غريون؟
أعتقد أنّ العقل الذي يدير المعركة مقتنع بإمكانية عزل نتنياهو وبالتالي “سرائيل” وجعل الذين يعوّل عليهم يتنصّلون منه تباعا. الذين يُديرون المعركة يشتغلون على هذا العزل كما يشتغلون على ترويض الأمريكيين والغربيين عموما: يريدون حملهم على إدراك أنّ “إسرائيل” النّافعة انتهت وأنّها الآن ضارّة مضرّة. بلغة التجارة والمشاريع ما عادت تشكّل مشروعا مُربحا. يناقش الأمريكيون والإيرانيون تخصيب الإيرانيوم ولكن وفي خلفية نقاشهم حديث يتسرّب بعضه عن استثمارات وتبادلات. عندما أُعلن عن وقف إطلاق النار وتقدّم الجولاني نحو دمشق ما كان أحد يحسب أنّ تحدّي الصهاينة ومن يساندهم سيتواصل. هو تواصل ببركة اليمنيين. عندما يفكّر الواحد في أنّ عقلا بشريّا نظر منذ عشرين عاما وربما أكثر في اليمن ثقافة وجغرافيا وآمن بأنّ اليمني مرشّح بقوّة لقلب الموازين، عندما يفكّر يدرك قيمة هذا العقل وموفّقيته المُعجزة.
هذا العقل هو عقل سيّد لبنان الذي قال عنه نتنياهو أنّه محور المحور.
هناك عجينة يمنيّة نوعيّة وكانت العجينة تطلب خميرة من سبق إلى تحدّي الصهيونية والتبشير بزوالها. من حقّ هذا العقل وقد أنجز ما أنجز أن يستريح ويرحل عن هذا العالم عائدا إلى أصله. اليمن محوريّ في الهندسة التي تدير المعركة. إذا كانت حاجة إلى هندسة أخرى سيكون اليمن أيضا محوريّا.
وكأنّ الصّاروخ اليمني الأخير صاروخ البين بين، صاروخ بين هندستين وبين إدارتين للمعركة.
الهذيلي منصر-تونس 🇹🇳