لماذا لا تقوم الدول المحاذية لفلسطين والتي وقعت اتفاقيات مع “إسرائيل” بتقديم الدعم للمقاومة الفلسطينية واللبنانية؟ لماذا لا تقوم هذه الدول بالتصدي لضربات الكيان ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة؟ لماذا لا ترفض هذه الدول الوجود الأمريكي على أرضها مساندةً لموقف الشعوب المعادي للدعم الأمريكي ل”إسرائيل”؟


إن من آثار اتفاقيات التطبيع هو الدخول إلى وعي الناس ووضعهم على الكثير من مفترقات الطرق الفكرية التي تمنع ورود مثل هذه الأسئلة على عقولنا، لاعتبار أن الكثير من الظروف الراهنة مسلّمٌ بها. فالجواب على لماذا لا تقوم تلك الدول بمساندة المقاومة الفلسطينية هو: كيف لها أن تقوم بدعم المقاومة وأحدها شاركت بضرب سورية وواجهت محاولات توريد الدعم للمقاومة ووقعت الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية والثقافية مع “إسرائيل”… وإلخ؟!


إنه من العجيب أن يكون الموقف السلبي لهذه الدول ضدنا طبيعياً، والأعجب من ذلك، أن السبب في كونه عاديّ وطبيعي هو ما انطبع في ذاكرتنا من الماضي من مشاركة تلك الدول للكيان في عملياته العسكرية ضدنا أيضاً (في سورية والعراق وليبيا واليمن)!! وعندما أقول كلمة “عاديّ وطبيعي” في هذا السياق، ذلك يعني أنه لا يستدعي التحرك. لأن من لا يتحرك في مثل هذه المواقف ويكتفي بالامتعاض، فهو لا يرى الخطر المحدق!
أُضيف، إنني أرى أن اللقب الذي يطلقه البعض على تلك الدول “دول إسناد الكيان” هو أمرٌ من الخطورة بمكان، لأنه يشير إلى نجاح تلك الدول في تجاوزها للعقبات النفسية التي كانت تتوقعها من الشعوب، حتى صار لها اسمٌ كهذا يقوله البعض دون تناسبٍ في ردة الفعل العملية. إن هذا يشير إلى أن وعي الشعوب في تلك الدول يقف في المنتصف بين رفضٍ ورضا، رفضٌ لموقف تلك الدول مما يحدث في فلسطين والمنطقة بعدم دعمها للمقاومة ومشاركتها بالعدوان علينا، ورضاً منطقي مبني على المعادلة المنطقية المجردة غير الوطنية: إذا كانت هذه الدول قد شاركت الكيان في حربه على سورية وكانت قد حاصرت غزة وضربت الدعم القادم للمقاومة فكيف يمكن لتلك الدول أن تكون في صف فلسطين والمنطقة؟!


وبالتالي، إن ما يسيطر على الوضع الشعبي الراهن في تلك الدول هو حضور هذه المعادلة المنطقية غير الوطنية، وإن ما يكسر جمودها هو الاستمرار في وضع الأسئلة المنطقية الوطنية الحرجة، وإن على هذا النوع من الأسئلة أن يتكاثر في وعي الشارع، فلماذا لا تقوم السلطة الفلسطينية في غزة بخداع الكيان وفتح السبل وتسريب المعلومات للمقاومة في الضفة؟ لماذا لا يقوم الأردن بغض بصره عن الدعم القادم للمقاومة؟ لماذا لا تقوم مصر بدعم المقاومة من خلال الأنفاق وادعاء أن كل شيءٍ تحت السيطرة؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي يجب أن تتدافع في الوعي لتكسر الجمود الفكري الذي أنشأه التطبيع.

آدم السرطاوي – كندا