1- التخطيط للعملية : استغرق التخطيط للرد على اغتيال القائد الشهيد فؤاد شكر حوالي 26 يوم وذلك بدءًا من اليوم الثاني لعملية الاغتيال التي تمت في 30\7\2024 إلى صباح 25\8\2024 ، والسبب في هذه المدة الطويلة للرد هي اختيار التكتيك المناسب للعملية ودراسة عملية الخداع التي يجب أن تنفذ ودراسة جميع السيناروهات العسكرية الممكنة الحدوث واختيار الأسلحة التي ستستخدم كمًا ونوعًا وإعطاء الحزب وقتًا مناسبًا لعملية التفاوض بين المقاومة الفلسطينية والعدو.
2- الأسلحة المستخدمة: اعتمد حزب الله على نوعين من الأسلحة و هما :
■ صواريخ الكاتيوشا بعدد 340 صاروخ ووزع قصفها على 11 موقعًا للعدو في شمال فلسطين المحتلة على مساحة 1500 كم مربع، وهي ليست صواريخ بالستية أو نقطية.
■ المسيّرات : قام الحزب باستخدام عدة أنواع من المسيّرات في الهجوم دون تحديدٍ للكمِّ والنوع لعدة اعتبارات منها عدم إعطاء العدو أي معلومة مجانية عن النسبة التي تمكنت من الوصول للهدف وبالتالي عدم معرفة العدو بفعالية دفاعاته الجوية الحقيقية والسبب الثاني عدم إعطاء أي معلومة عن الأنواع التي استخدمت تحسّبًا لجولات لاحقة.
3- الخداع والتضليل الاستراتيجي :
يعلم القادة العسكريون في حزب الله القدرات الاستطلاعية الكبيرة للعدو الإسرائيلي بالإضافة للقدرات الاستطلاعية الكبيرة للولايات المتحدة وبنتيجة ذلك فإن جنوب لبنان مرصود بالكامل وهذا يعني إن أي عمل هجومي كبير سيكون هنالك هجوم معاكس عليه فورًا مما يمثل خطرًا على نجاح العملية ولذلك كان لابد من عملية خداع وتضليل استراتيجي للعدو ، والخداع كان أن قادة الحزب العسكريين يعلمون أن هنالك مراكز إطلاق صواريخ مكشوفة للعدو في عدة وديان (كان قد أمر القائد الشهيد فؤاد شكر بسحب الصواريخ البالستية والدقيقة منها ) فقام قادة الحزب بإعطاء الأوامر للوحدات أن تصلي الفجر ثم تكون جميع العناصر في مواقعها حيث تكون ساعة الصفر 5:15 صباحًا ( كلام سماحة السيد ) أما بالنسبة للخداع قام العشرات من عناصر الحزب بالتحرك الكثيف في الوديان الخالية قبيل الهجوم في الساعة 4 صباحًا وتم وضع عشرات المنصات سابقًا وعليها بضع صواريخ مما أعطى إشارة للعدو أن الحزب على وشك الهجوم فقام بهجوم جوي كبير بحوالي 100 طائرة على الوديان جنوب لبنان قبل الوقت المحدد ب 30 دقيقة مما شتت تركيز العدو عن المنصات الحقيقية وبالتالي سمح لوحدات الحزب بالقصف الناجح لصواريخ الكاتيوشا وإطلاق المسيرات دون أي عرقلة من سلاح الجو للعدو الإسرائيلي المشغول بقصف الطعم كما مكّن العناصر من الانسحاب بأمان وبالتالي فإن عملية الخداع التي نفذتها وحدات حزب الله العسكرية بإتقان أوقعت العدو في الفخ بعد أن تلقم الطعم ( وهذا ماتم توقعه في التحليل الأولي عن وجود خداع وتضليل ).
4- التكتيك المتبع: اعتمد تكتيك الحزب أن تكون العملية على مرحلتين
■ الأولى: عملية إشغال للدفاع الجوية للعدو عبر استهداف مواقعه ب 340 صاروخ وهذا يعني معرفة قادة حزب الله العسكريون بعدد صواريخ الدفاع الجوي للعدو الجاهزة للصدمة الاولى.
■ الثانية : الهجوم المركز بالمسيرات التي انطلقت من عدة أماكن ( جنوب الليطاني، شمال الليطاني ، بعلبك ) على الهدف الرئيسي والهدف الفرعي ، والغاية من الهجوم على الهدف الفرعي كان تعطيل أي عملية دفاعية للهدف الرئيسي.
5- الهدف: أعلن سماحة السيد أنه تم اختيار موقع غيليلوت الاستخباري في ضواحي “تل أبيب” الذي يعد مركز استخبارات شعبة أمان والوحدة 8200 المسؤولة عن اختيار الأهداف للاغتيال والحرب النفسية ونشر الفتن والشائعات وتبعد القاعدة مسافة 110كم عن الحدود اللبنانية الفلسطينية، أي إنها في عمق العدو وتبعد 1.5 كم عن “تل ابيب” أي تعتبر أحد ضواحيها وبذلك تكون ردًا على عملية الاغتيال في الضاحية، واختارت قيادة الحزب ضرب هدف عسكري بحت بما يحقق استراتيجية الحزب المعلنة وهي كسب الحرب بالنقاط عبر الاستنزاف الطويل وبالتالي لو استهدف الحزب أي مبنى في “تل أبيب” كوزارة الدفاع أو هيئة الأركان سيكون هنالك ضجة إعلامية دون تأثير حقيقي على الأرض.
كما اختار الحزب هدف فرعي هو قاعدة الدفاع الجوي في عين شامر لتعطيل عملية الدفاع عن الهدف الرئيسي ولتعطيلها عن مهمتها الرئيسية في المعارك مستقبلًا في أي مواجهة كبيرة خلال الأيام القادمة حيث إن أهداف محور المقاومة متكاملة، كما أن ضرب هذه المحطة وتعطيلها ايضًا يصبُّ في استراتيجية النصر بالنقاط.
5- الحرب النفسية :
تجلت الحرب النفسية في عدد من الإجراءات نفذها حزب الله وهي :
■لم يعلن سماحة السيد عن عدد وأنواع الطيران المسيّر.
■أعلن الحزب أن هذا الرد أولي وشرحه سماحة السيد أنه متعلق بنتائج العملية ، وقد يعني اعتباره اوليًّا إن الحزب قد يجري ردًا آخر قريبًا خصوصًا في توقيت الرد الإيراني.
■أصدر الحزب فيديو ( بطاقة هدف ) شرح فيها كل تفاصيل الهدف المستهدف.
الخاتمة : هذه العملية لم تخرج عن استراتيجية حزب الله العسكرية في الحرب من خلال الاستنزاف العسكري للعدو الإسرائيلي بحيث يتم تحقيق النصر بالنقاط عبر إنهاكه الطويل دون أن يتمكن العدو الإسرائيلي من جعلها حربًا سريعة ومدمرة ويدخل معه حلفاؤه من حلف الناتو وهذا مايعني إن العدو سيحاول مجددًا تنفيذ هجوم أو اغتيال كبير لمحاولة التنصل من الاستنزاف اليومي الذي أرهق “جيشه” على مدى 11 عشر شهرًا.
م. الوليد صالح – سوريا