تصحيح …وأكثر من عتب على جواد ظريف
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
في حوار وصلني تسجيل وترجمة لما ورد فيه من اصدقاء في ايران، يرد فيه المفاوض الإيراني السابق على الاتفاق النووي جواد ظريف على الاتهامات الموجهة إليه في المسؤولية عن نص الاتفاق على آلية الزناد التي لا يمكن للمفاوض أن يقبل بها في الاتفاق، يذهب الى نظرية لا تخطر على بال، متهما روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين بالعمل لتخريب الاتفاق، مستخدما كلاما مزورا منسوبا لي عن لسان الشهيد قاسم سليماني، فقال إن الشهيد سليماني قال، وفقا لما يزعم انني نقلته عنه، أن الرئيس بوتين قال له نحن نخرب الاتفاق النووي، فهل يعقل ان يصل الشعور بالحرج والرغبة بتبرئة الذات من مسؤولية خطأ خطير إلى حد تزوير وتأليف حكايات، و الاختباء وراءها، والشهيد سليماني غير موجود ليرد عليه، ولو كان موجودا لما تجرأ اصلا على قول هذا الكلام.
معلوم أن الدكتور جواد ظريف يكره روسيا، لكن كل من كان يستمع الى كلامي عن لسان الشهيد سليماني كان ينتبه أن الكلام المنسوب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو لفت الانتباه الإيراني إلى القلق على الاتفاق النووي والخشية من أن يؤدي الدور الروسي الايراني المشترك  في سورية إلى ردة فعل أميركية بحجم إلغاء الاتفاق النووي، وكل ما كان يقوله الشهيد سليماني ردا على هذا القلق هو أن إيران لم تفاوض إلا على الملف النووي، وأن هذا كان واضحا وحاسما، فلا مفاوضات على علاقات إيران مع حلفائها ولا سياستها الخارجية ولا بما تفعله في المنطقة وخصوصا دعمها لقوى المقاومة والتزامها بثوابتها، فكيف يقلب الدكتور  ظريف الأمور وتصبح أن روسيا تخرب الاتفاق النووي بينما هي قلقة عليه، وكيف يصبح كلام الشهيد سليماني عن حصرية الاتفاق بالملف النووي وعدم استعداد ايران للمساومة على سياساتها وتحالفاتها للحفاظ على الاتفاق، موضع انتقاد الا اذا كان الدكتور ظريف كمفاوض قد فاوض يومها على اشياء اخرى غير الاتفاق النووي، ويعتقد أن الدور الروسي الإيراني في سورية شكل إخلالا بما قدمه من التزامات باسم إيران دون معرفة قيادتها؟
في الحقيقة أنا أشعر بالاستغراب والذهول لما قاله الدكتور ظريف واعتقد انه يعلم انه لا  يقنع طفلا صغيرا، روسيا وايران عملتا كل ما تستطيعان لتنفيذ الاتفاق النووي، لكن باعتباره اتفاقا نوويا فقط، وأميركا وأوروبا واسرائيل شكلوا جبهة لتحويل الاتفاق الى اطار لتطويع إيران وإلغاء سيادتها، بجعل الاتفاق وإلغاء الاتفاق عناصر تهديد ومساومة لدفع إيران للتخلي عن ثوابتها وتغيير سياساتها والالتزام بالاملاءات الأميركية الغربية التي يعرف الدكتور ظريف أنها لا تهتم في المنطقة إلا بأمن إسرائيل، وعليه أن يتصرف من موقع الجبهة التي يقف فيها بين هاتين الجبهتين، هل هو مقتنع ان الاتفاق نووي فقط وان كل محاولات جعله مدخلا لتغيير سياسات إيران مرفوض، أم هو يعمل للعكس كما يوحي كلامه باعتبار لدور الروسي الايراني في سورية تخريبا للاتفاق المغترض انه محصور بالملف النووي بلا داعيات على ما عداه، وهو كمفاوض ساهم بصنع الاتفاق معني بأن يقول أمرين ، الأول بأنه لم يقدم أي التزامات خارج الملف النووي، وأن التذرع بالخلافات السياسية مع ايران حول شؤون المنطقة لا يمنح الغرب أي حق بالتلاعب بمصير الاتفاق والانسحاب منه، والثاني انه أخطأ كمفاوض عندما قبل بما يسمى بآلية الزناد الي تمنح الطرف الآخر في الاتفاق حق التحكم بمصير الاتفاق واعادة العقوبات الأممية على ايران، دون ان يكون هناك جهة ثالثة تحكم بما اذا كانت ايران قد نفذت التزاماتها ام لا، ويعود للقيادة ولاشعب في ايران تقدير ما اذا كان الاعتذار كافيا؟
خبط العشواء الذي يكيل فيه الدكتور ظريف الاتهامات لتبرئة نفسه من المسؤولية لن يجديه شيئا، ونسبة كلام مزور للغير لخلق روايات وهمية من نسج الخيال، والاعتقاد بأن من ينسب إليهم الكلام إما استشهدوا كالشهيد سليماني، أو أنهم بعيدون عن ايران ولا يتحدثون الفارسية فيصعب أن يعرفوا ما نسبه إليهم ويقوموا بالرد كم هو الحال معي، لكنه أخطأ مرتين، الأولى أن التجرؤ على الشهيد سليماني يسيء للدكتور ظريف وليس للشهيد سليماني، و الثانية أن ما نسبه الي زورا وصلني وكلامي كان عكس ما يزعم تماما، وهو موجود في التداول وانا كررته عدة مرات، ومضمونه واضح، قلق روسي على عقاب أميركي لإيران اذا تحقق أي انتصار روسي إيراني في سورية والعقاب يمكن أن يطال الاتفاق النووي، وتمسك ايراني بان الاتفاق يعني التزامات نووية حصرا ولا يطال سياسات إيران وتحالفاتها وسلوكها، وإيران لا  تقايض ما تعبره حقوقها النووية في الاتفاق بالتخلي عن سيادتها وحقوقها في التصرف بما تعتقده صحيحا وواجبا تجاه ما يجري في المنطقة، وآمل أن يعود الدكتور ظريف الى ضميره ويقف أمام نفسه ويتراجع عن هذه الأساليب التي لا تشبهه، إلا إذا كان هناك من ورطه بنقل لكلام المزور وأوقعه في هذه الورطة، لعل كلامي يكون كافيا للتوضيح والتصحيح.