إن مفهوم السيادة الخارجية للدولة هو مبدأ أساسي في القانون الدولي يعني أن الدولة مستقلة تماماً في شؤونها الخارجية، ولا تخضع لسلطة أي دولة أخرى.
يكاد لا يمر يوم على لبنان، وخاصة الجنوب، إلا وتُذرف الدموع حزنًا على شهيد استهدفه العدو الصهيوني عن سابق إصرار وتصميم، أو على بيت يُدمّر، أو على مواطن يُمنع من الوصول إلى أرضه ومصدر رزقه. كل هذا يحدث، والحكومة اللبنانية تقف كمن لا ناقة له ولا جمل، وكأن الأمر لا يعنيها. أليس من المفترض أن يكون الشغل الشاغل للحكومة هو حماية سيادتها الوطنية والدفاع عنها؟
في المقام الأول، يحق لنا أن نطالب الحكومة اللبنانية باستعادة سيادتها الوطنية وحمايتها والدفاع عنها، خاصةً بعدما ضربت على صدرها وقالت للمقاومة: “اتركوا الأمر لي”. وبمناسبة الحديث عن خسارة الحكومة وأعوانها للسيادة الوطنية، تعود بي الذاكرة إلى الأمس القريب، أي بعد إعلان وقف إطلاق النار في ما عُرف بـ “حرب الـ 60 يومًا” أو “معركة أولي البأس”، وإنشاء لجنة لمتابعة تطبيق القرار 1701.
حينها، انكفأت المقاومة إلى ما بعد الليطاني، بعد أن سطر أبطالها ملحمة أسطورية قلّ نظيرها في التاريخ الحديث. ولمن كانت ذاكرته ضعيفة ، (سمكية)وهم كُثر في لبنان وعلى رأسهم رئيس الحكومة نواف سلام فليسألوا (الخيام) وأهلها وشجرها وترابها. وبالعودة إلى تسلم الدولة زمام الأمور بعد إعلان وقف إطلاق النار، توغل جيش العدو على جميع المحاور وصولًا إلى وادي الحجير. وفي عدة مواضع، كانت الجرافات والدبابات الإسرائيلية تمر بالقرب من الجيش اللبناني الذي التزم بالقرار السيادي للسلطة الحاكمة بعدم التعرض لجيش العدو. وفي عهد “سيادة الدولة”، دُمّرت أغلب القرى الحدودية بشكل شبه كامل، وطائرات الاستطلاع لا تغادر سماء البلد، والسفن الحربية لا تكل ولا تمل من اللعب ذهابًا وإيابًا في المياه الإقليمية للبنان، إضافةً إلى التجسس على شبكات الاتصالات، وخرق قاعدة بيانات دائرة تسجيل السيارات، وتدمير مبانٍ في الضاحية الجنوبية لبيروت، والكثير من الاعتداءات الأخرى.
أين السيادة الوطنية؟
كل هذا ولم يرف جفن لعيون الحكومة اللبنانية المتعامية عن السيادة الوطنية، والتي تشخص ببصرها نحو رجل الظل والعلن للسلطة الحاكمة في لبنان، توم باراك، وكأن لسان حالها يقول: “رهن إشارتك يا سيدي ومولاي”.
إن مصطلح السيادة الوطنية لغز دفين وعميق لسلام وأعوانه، ولا يمكن فك شفرته إلا بعيون أمريكا وإسرائيل، التي لا ترانا إلا عبيدًا وخدمًا لمشروعها. أما نحن يا دولة الرئيس سلام ويا أمريكا ويا إسرائيل، فلا نرى أنفسنا إلا سادة وقادة، ماضين على نهج سيد الشهداء السيد حسن نصر الله، مهما طال بنا زمن التضحيات وطال بكم زمن الإجرام والقتل والتآمر.
يوسف كركي