إنَّ أبسط تعريفٍ للإعلام هو أنه نقلٌ للأخبار و بيانٌ لمجريات الواقع من منبعها إلى باقي المجتمعات أو بعضها ، وذلك عبر الوسائلِ المختلفةِ المعروفةِ، وتعدُّ الحرب الإعلامية من أقدم أساليب الحروب وأكثرها خطورة، لاسيما في زماننا هذا في ظل الفضاء الالكتروني المفتوح، مما يتيح وصول الأخبار والمعلومات بشكل أسرع بكثير من ذي قبل وبرقعة جغرافية أوسع، وهذا ما يجعلها تخترق البيوت قبل المجتمعات، وأما طبيعة هذه المعلومات فتحتكم لأصول عقائدية أخلاقية ثم تندرج بعدها باقي الأصول.
سورية قلب المقاومة التي لم تكن يوماً في منأىً عن مواجهة حلف العدو و التصدي لمشاريعه على كافة الأصعدة منذ عقودٍ طويلة، وعلى صعيد الحرب الإعلامية الممنهجة ضدها فقد وظف العدو ترسانته الإعلامية في نقل أخبار زائفة و بثِّ شائعات ممنهجة و توجيهها في سياق تغييب الدور السوري في المواجهة و شيطنته مستخدماً كافة وسائل إعلامه الرسمية و غير الرسمية العربية منها و الغربية وفق استراتيجية الكذب على مراحل ، إذ تبدأ وسائل إعلامهم بتحريف الحقائق وتزييفها ثم تقديمها بصورة مضخمة ومغايرة كلياً للحقيقة أو حتى اختلاق روايات من العدم، ثم تصديقها واعتمادها كأساس لإقامة حلقات ومحاورات واستضافة محللين وسرد الروايات والتحليلات القائمة على الأوهام وفق مبدأ “كذبوا الكذبة وصدقوها”.
منذ بداية المواجهة مع حلف العدو، لم تتوقف آلة الحرب الإعلامية عن محاولتها تشويه و شيطنة دور سورية في كل مراحل هذه المواجهة ، و اشتدت كثيراً في الفترة الأخيرة، فقبل أيامٍ قليلة وُجِّهت الترسانة الإعلامية العربية والغربية التابعة للعدو بشكل مباشر أو غير مباشر نحو القيام بضخٍّ إعلاميٍّ واسع النطاق حول ما ادّعوا حدوثه من اختراقات “إسرائيلية” قرب خط وقف إطلاق النار في الجولان السوري المحتل ، و لعلَّ منطلق هذه الشائعات كما هو جلي و واضح هو غرفة عمليات واحدة تديرها القيادة العميقة عند حلف العدو ، و توزع الأدوار على أذيالها في العالم ، و الهدف هو وضع الموقف السوري في خانة الضعف و تشويه صورته وصولاً إلى تغييبه بشكل كلي عن المواجهة، و رغم توضيح وسائل الإعلام السورية و تكذيبها لما كان يروَّج إلا أنهم أصرّوا على استمرار أكاذيبهم و خداعهم ، و تابعوا ذلك باتهام سورية بتقييد حركة المقاومة و مصادرة مستودعات ووو…إلخ ، بالاعتماد على ما يسمى ” المرصد السوري” كمصدرٍ لمعلوماتهم ، والذي يعرف بأنه ألف باء الكذب والنفاق الممنهج في الحرب على سورية .
إن الجمهورية العربية السورية التي لا تزال تدفع دماءً تروي ترابها و أرواحاً تظلُّ سماءها ثمناً لمواقفها في دعم و مساندة كافة حركات المقاومة ضد هذا العدو النازي الممتد من “تل أبيب ” إلى واشنطن، و الذي يوجه آلة قتله نحوها من خلال رفع وتيرة اعتداءاته على أراضيها و سيادتها و زيادة كثافة تلك الاعتداءات لتطال مراكز البحوث العلمية قرب دمشق و مصياف و حلب و منشآت معامل الدفاع و مستودعات الذخيرة و محطات الرادارات ، ارتقى ضحيتها الكثير من الشهداء من المدنيين و من أبطال الجيش العربي السوري .
لكنَّ سورية العظيمة لا تبدِّل !!!
سورية التي ربينا فيها على المقاومة عقيدةً راسخة ، و بها فقط يمكن أن نجعل من المستحيل ممكناً و ننتصر ، لا يمكن الآن أن تتراجع عن مواقفها أو تحيد عن بوصلتها ، وستبقى تقول “لا” للأميركي كما تقولها “للإسرائيلي” ، و لن تتوقف عن دعم و تسليح و إمداد المقاومة في لبنان و في فلسطين مهما كانت الأثمان التي ستدفعها إلى أن يزول كيان “إسرائيل” من كل الوجود .
في بداية التقارب العربي مع سورية ، خرج البعض المناوئون ليقولوا : سورية ذهبت للتطبيع !! ، لكن ماذا حدث ؟؟!!
شهد عاما 2022 و 2023 أكبر عدد من الاعتداءات الصهيونية على السيادة السورية منذ عام 2018 ، و قدمت فيهما أكبر عدد من الشهداء من أبطال الدفاع الجوي ، ليكونوا دليلاً راسخاً على الموقف السوري الصحيح، و مشعلاً أمسكه الجيل الذي تلاهم يبقى ثابتاً حتى النصر أو الشهادة .
ختاماً: نحن عيال المحور و جمهوره و بيئته الحاضنة سنبقى راسخين رسوخ الجبال صامدين كما علمتنا سورية في وجه الترسانة الإعلامية الصهيونية ، فندحض ترهاتها و معطياتها ، و ننشر حقائقنا ، مؤمنين أن سورية التي لبّاها سيد اليقين سماحة الأمين يوم عزَّ النصير و قال : والله لو تطلب الأمر أن أذهب أنا حسن نصر الله شخصياً إلى سورية فسوف أذهب .. ، و ربينا فيها على عشق سماحته و عشق المقاومة في لبنان ، و علمتنا أن فلسطين هي بوصلة هذه الأرض ، لا يمكن أن تبيع أو تخون أو تقبل بأي خطر يهدد لبنان أمنَها القومي بأي شكلٍ من الأشكال و التاريخ في 1982 وصولاً إلى 2006 يشهد على صحة ذلك .
فاسعَ أيها العدو الأحمق سعيَك، وناصب جهدك، فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميتَ وحينا، و هل رأيك إلا فَنَد وأيامك إلا عدد ، وجمعُك إلا بدد؟!
محمد يونس