تشهد الساحة اليوم تطورات دموية متسارعة، مع ارتكاب العدو مجازر مروعة واغتيال سيد المقاومين. هذه الأحداث قد توحي للعدو بنشوة نصر زائف، معتقداً أن نهاية المقاومة باتت وشيكة وأن صفوفها قد تشتت. لكنَّ التاريخ أثبت مراراً وتكراراً أن اغتيال قادة المقاومة لم يكن يوماً سبباً لضعفها أو تراجعها، بل على العكس تماماً، كان دافعاً لتجديد طاقتها وتوحيد صفوفها.
لقد كسبت المقاومة مشروعيتها الكاملة أمام الله وأمام عباده. هذه المشروعية تعززت بتضحيات قادتها العظام، الذين قدموا أرواحهم فداءً لعزة الأمة ورفع الظلم عنها. سيد المقاومة، باستشهاده، دفع الثمن الأغلى، ليبين لنا الطريق المعبد الذي ستسير عليه المقاومة نحو نصرٍ مؤزر. توحيد الصفوف ولم الشمل في مواجهة تحالف العدو الغاصب لم يعد خياراً بل ضرورة، والمسؤولية الآن تقع على عاتقنا جميعاً للسير على هذا الدرب بثبات وإيمان.
أما الميدان، فهو الحكم. المقاومة بخير، وستتصدى لهذه الحرب الكونية بكل قواها ومحاورها. إلا أن النصر لا يأتي بضربة واحدة، ولا بمعجزة “كن فيكون”. الأمر يتطلب الصبر والثبات وحمل راية الحق بكل قوة في مواجهة عدو الله وعدو الأمة. إن التحولات الميدانية الجارية اليوم، والشعور المؤقت بالنشوة الذي يسيطر على هذا الكيان الغاصب وحلفائه من القوى العربية، الأوروبية، والأمريكية، ستعقبه تحولات ميدانية نوعية، تقلب المعادلات رأساً على عقب. الوقائع تشير إلى أن يد المقاومة ما زالت قوية وقادرة على توجيه ضربات أكثر إيلاماً ودقة.
إنها حرب وجودية مفتوحة على كل الاحتمالات. وقد سقطت فيها كل الأقنعة والكلمات. في نهاية المطاف، ستُبنى كل التحركات على مقتضى هذه الوقائع، وستكون المقاومة هي من يُملي شروط المرحلة المقبلة. مع كل ضربة يتلقاها العدو، تتضح معالم النصر وتقترب لحظة الحقيقة، إذ إن صمود المقاومة ليس إلا تمهيدًا لانتصار جديد يعزز مكانتها في التاريخ ويجعلها أقرب إلى تحرير الأمة من الاستبداد والظلم ورفع راية النصر في قدس الأقداس.
أحمد كمال الدين – فلسطين