خيمتنا أنت والعماد، عتادنا، عنادنا والغضب، ملاذنا، عصمتنا والوتد، أنت حبل الرباط بين الماء والماء وبين البلدِ والبلد، أنت النقاط والفواصل والتواصل بين الأفق والأفق، أنت فصل الخطاب وبيان الرجال للرجال، أنت الوتر وايقاع الوَاحِد والكُلِّ والمَدَدْ،، أنت النسائم والمطر وأنت نور شمسنا الحلوة فكيف تَغِيبْ؟ يا ابن أمي، يا بشرى رحم أمهات الشهداء من أول طلقة في كربلاء، يا سيد الرجال، يا سليل العظماء، يا مرشد الأشراف ودليل الشهداء، يا سيد الشجعان، يا حبيبنا، يا دهشة الزمان ونجم سماء لبنان وأرز لبنان وجبل لبنان، يا قمرنا المستدير المكتمل في ليل داحس، يا عشق أيام الصبى الحلوة وغبطة المغترب، من بعدك يأوينا تحت عباءته، يضمنا، يُخبئنا ويَحمينا، يُطمئننا ويُبَلسم الجراح الغائرة فينا؟! من بعدك يسمع أصواتنا من المحيط الى الخليج، فيلقي السلام فينا أملا وقوة وحصانة ويقينا ويبعث الروح فينا؟! هل لبيروت إيقاع دون خبطة قدمك؟! هل من حزن يكفي غيبتك؟! يا سيدنا، صَمَّ آذاننا نُوَاح القدس سراً وجهراً وغيضاً وكمداً بفجيعتها فيك يا فارسها وسيد زمانها.. وغزة.. غزة الملحمة يا سيد الملاحم.. يا درعها وعزة الأمجاد فيها،، يا فخرنا ونصرنا، يا رافع الرؤوس وقاصم هيكل الخنوع والذلة، يا مرشدنا ونور الطريق، من أين السبيل الى القدس بعدك؟! من أين السبيل؟!..
ومن أين القصيد والمديح وأنت القصائد كُلَّها؟! ومفتاح اللغة أنت ومُغْزَلَ الحروف والمعاني، من أين الحكاية والرواية وأنت القَصَصْ مذ خُطَّ الخَطُّ على حَجَرْ؟! من أين أغانينا فأنت حلو الأغاني وأسْنَى الأماني وأزكى النشيد؟! آه من نَزْفَ الروح فينا يا سيدنا وعزيزنا، آه من انكسار المعنى حين يُطْبق غيابك والصمت على أحلامنا وأمانينا، من أبدع منك في جبر الخواطر وصنع الأعياد ونسج البدايات وطرز النهايات وتحديد الرُّتب؟!.. لا أحد.. أبدا لا أحد..
ما أنا بكافرة يا سيد العاشقين وإمام الشهداء وخير الأصفياء والصدّيقين، وأستغفر ألف مرة فلا تغضب، واترك لي إشراقة وجهك السمح وابتسامتك الصبح، أتنفسها فجراً، أتوسدها ليلاً، ألتحفها نهاراً تشرق الشمس بظلك وتتبرك بذكرك في الكفاح، وأقسم أنك حي وحي وحي في الدماء والأوردة وبؤبؤ العين وبين الضلوع مقيم ومثل نورك لا يَغيبْ.. فحي على الفلاح،، حي على وصاياك وهيبتك ورحلتك، وحي على الكفاح..
هند يحي – تونس