هيئة تحرير موقع منتدى شباب سيف القدس
نفّذ مقاومون فلسطينيون عمليّة مزدوجة في الخليل، وأقر الاحتلال بوقوع ثلاثة (أو أربعة بحسب تصريحات أخرى) مصابين في صفوفه هم قائد لواء عتصيون برتبة عقيد وضابط قتالي وضابط احتياط يعمل رئيساً لإحدى المغتصبات المجاورة، علماً أنّ العدد قد يكون أكبر في ظل سياسات التعتيم والتكتم على الخسائر التي يتبناها الكيان رسمياً، وذلك يوم السبت الموافق 31 آب للعام 2024.
تركبت العملية المزدوجة من عمليتين منفصلتين متزامنتين، الأولى اقتحام أحد شباب المقاومة لمغتصبة كرمي تسور بعد انطلاق صافرات الإنذار، ليدهس حارس المغتصبة ويطلق النار على من فيها قبل أن تنفجر سيّارته المفخخة، والثانية انفجار سيّارة مفخخة بقرب محطة وقود في مفرق مغتصبات عتصيون، حيث شهدت غوش عتصيون ثلاثة انفجارات متتالية خلال ربع ساعة فقط، وبعد وصول جنود الاحتلال للمكان، أطلق شاب النار عليهم.
نجحت هذه العملية في تحقيق ما يلي:
-النجاح الميداني المتمثّل الذي تكلل بإيقاع إصابات مباشرة.
-النجاح التخطيطي المتمثّل في نوعيّة العملية وأدواتها وتركيبها المزدوج والمتزامن وأثر ذلك على إرباك أجهزة الاحتلال الأمنية والعسكرية.
-الفشل الاستخباراتي لدى الاحتلال، إذ إنّ المقاومة الفلسطينية قبل يوم من العمليّة، هددت بشكل رسمي وعلني بأنّها بصدد تنفيذ ضربات في جنوب ووسط الضفّة، ورغم ذلك نجحت العملية.
-وجهّت هذه العملية لطمة واضحة لخطط الاحتلال وتصريحاته، إذ كان توجّه الاحتلال المعلن منذ عدّة أيّام تركيز عمليّاته في شمال الضفة الغربيّة، وهي عمليّات لم تخلُ من استهداف المدنيين والبنية التحتية والحصار والإغلاق.
-عملية الخليل ستجبر الاحتلال على دفع تعزيزات أمنية وعسكرية إضافية لجنوب الضفّة، ما يبقي الاحتلال في دائرة رد الفعل، وكأنّ المقاومة ترمي له في كل مرّة عظمة في جهة ما فيلهث خلفها ثمّ ترمي عظمة جديدة في الجهة المقابلة وهكذا.
جاءت هذه العملية في جنوب الضفة الغربية بعد أيّام من بدء عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية، واعتبرها بعض قادة الاحتلال بأنّها الأكبر منذ عام 2002، تصدّى خلالها المقاومون الفلسطينيون لقوات الاحتلال بالأسلحة الرشاشة والعبوات والألغام والكمائن وحققوا إصابات مباشرة.
كما تأتي هذه العملية بعد ستّة أيّام من تنفيذ حزب الله لرده على اغتيال الشهيد القائد فؤاد شكر، حيث أطلق حوالي 320 صاروخاً لتسهيل عبور المسيّرات الهجومية التي أصابت أهدافها، بما فيها منطقة جاليلوت التي تحوي مقر الموساد وقاعدة الوحدة 8200، ومن غير الواضح إلى اللحظة إذا كان هجوم حزب الله أثّر على القدرات الاستخباراتية والمعلوماتية للاحتلال بهذا الاستهداف الذي طال واحدة من أكثر المواقع الاستخباراتية سريّة وخصوصية، رغم إقرار الاحتلال أنّ مجرّد القدرة على كشف موقع هذه المقرّات وإصابتها إصابات مباشرة يعتبر خرقاً أمنياً كبيراً وخطيراً.
وسابقاً لهذه التطوّرات كان جيش الاحتلال قد بدأ خفض عدد قواته في غزّة بعد قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين معظمهم من النساء والأطفال وتدمير معظم مقوّمات الحياة الرئيسية في غزة بما فيها المستشفيات والمؤسسات الإغاثية والتعليمية ومحطات المياه والكهرباء وغيرها، في واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية التي عرفها التاريخ البشري، دون أن ينجح في تحقيق أهدافه المعلنة وفي ظل صمود الناس رغم الإبادة وعدم قبولهم بخيارات التهجير ورفضهم لأي قيادة جديدة للقطاع لا تنسجم مع خيارات المقاومة.
جميع هذه المؤشرات تدل على أنّ الضفة الغربية ستكون مركز العمليات العسكرية والإبادية للاحتلال في الأسابيع وربما الأشهر القادمة، وهو الأمر الذي أعدّت له المقاومة العدّة منذ ما قبل اندلاع طوفان الأقصى، سيدخل جيش الاحتلال مرحلة الضفّة الغربية منهكاً مفككاً محبطاً، في ظل أزمات اقتصادية وديمغرافية ولوجستية غير مسبوقة يمر بها الكيان وفي ظل التصاعد المستمر منذ ما قبل الطوفان للانشقاقات الداخلية على أكثر من مستوى في جبهة الكيان الداخلية.
هذا الواقع يعني، إنّ جبهة الضفة الغربية ستعمل على استكمال حرب الاستنزاف ضد الكيان، وستقدم على هذه الطريق دماء أبنائها الزكيّة وبطولات وتضحيات ومفاجآت غير مسبوقة.
استقبلنا في هيئة تحرير موقع منتدى شباب سيف القدس (طوفان. كوم) أخبار عملية الخليل البطولية، مع خبر رحيل أحد أعضاء المنتدى الرئيسيين وأحد أبطال المقاومة الفلسطينية، الأسير المحرر سابقاً محمد غنايم “أبورشيد”.
نبارك في هيئة تحرير الموقع لأبطال العملية البطولية في الخليل نجاحهم في إذلال الاحتلال وارتقاءهم شهداء عند ربهم، كما ننعى في نفس الوقت عضو المنتدى المرحوم محمد غنايم، الذي عانى في أيّامه الأخيرة من مرض عضال ومن الإهمال والأخطاء الطبيّة، وكان من آخر الرسائل التي كتبها: “الحمدلله على كل شيء، عزائي أنني منذ خلقت حتى اللحظة على المبدأ الصادق والعطاء وحب الناس وخدمة الناس وأتشرّف باسم خادم أهالي الشهداء والأسرى والمعذبين”، وفي أيّامه الأخيرة كان يحب الاستماع إلى نشيد: “هذا السيّد هذا القنديل القهّار هذا الحامل سر النصر هذا القائد يعرف أسرار الأشياء”، وربما سمع خبر عملية الخليل فارتاحت روحه وسلّمت أمرها لباريها مطمئنة مؤمنة موقنة أنّ أحلام وآمال الفقراء والمقهورين والمقاومين والثائرين في فلسطين وسوريا ولبنان واليمن والعراق وإيران وفي كل مكان، تبصر الآن قرب تحققها على طريق تحرير القدس من نير الصهيونية وتحرير العالم من أسوأ وأقبح حقبة تاريخية عاشتها البشرية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
أمام استمرار وتصاعد طوفان الأقصى ورحيل أحد أعضاء المنتدى المقاوم البطل محمد غنايم، أمام هذا الأمل والحزن معاً، أمام كل هذه الدماء وهذه البطولات، لا يسعنا في هيئة التحرير إلّا أن نزداد إصراراً على خوض معركتنا على الجبهة الفكرية والإعلامية والثقافية حتى آخر عضو على طريق تحرير القدس.
هيئة تحرير موقع طوفان