في أحد جوانب خطاب أمين عام حزب الله سماحة السيّد حسن نصر الله اليوم الأحد 25 آب/أغسطس للعام 2024، وفي تمام الأربعين من أربعينية الحسين، قال: “نحن سنتابع نتيجة تكتم العدو عما جرى اليوم وإذا كانت النتيجة مرضية فنعتبر أن عملية الرد قد تمت وإذا لم تكن النتيجة كافية فسنحتفظ بحق الرد حتى وقت آخر”، ومفاده أنّ العدو يتكتم ويعتّم على نتائج رد المقاومة صباح اليوم على اغتيال القائد المجاهد فؤاد شكر، وأنّ المقاومة ستراقب الإعلان الرسمي عن الخسائر من طرف الاحتلال، وإذا كانت الخسائر المعلن عنها مرضية بالنسبة للمقاومة، يعتبر الرد مكتملاً، وخلاف ذلك، ستعمل المقاومة على استكمال الرد، وذلك باستهداف منشآت استراتيجية أو عسكرية أو أمنية جديدة، وأشار في نهاية الخطاب إلى أنّ هذا الرد سيترك أثراً في مجرى المفاوضات الحالية لصالح الطرف المقاوم والطرف العربي.
فكيف نفهم ذلك؟
إنّ خطاب نصرالله يضع الكيان أمام خيارات أحلاها هزيمة:
الخيار الأول: التكتم على الخسائر والاضطرار لصفقة
فالسبيل الوحيد أمام نتنياهو لمنع استكمال الرد واعتباره منتهياً، هي خروج نتنياهو والإفصاح والإقرار بحجم الخسائر التي أحدثها الرد، شرط أن يكون حجم الخسائر مرضياً وشافياً لغليل المقاومة اللبنانية، أي أن يخرج نتنياهو ويعلن حجم خسائر في صفوف الاحتلال كافي ومقنع لحزب الله لاعتبار هذه الخسائر كافية كردٍّ على عملية اغتيال القائد فؤاد شكر وتبعاتها.
وهذا يعني أيضاً أن يخرج نتنياهو ويكذّب نفسه وادعاءاته التي أعلنها قبل خطاب السيّد حسن نصر الله والتي أفادت زوراً وبهتاناً بأنّ رد حزب الله لم يحقق أهدافه.
هذا الإقرار على لسان نتنياهو بحجم الخسائر وبالكذب معاً، يعني تماماً سقوط حكومة نتنياهو أو على أقل تقدير، تعرضها لخسائر كبيرة على مستوى قاعدتها في الجبهة الداخلية للاحتلال، الأمر الذي سيدفع نتنياهو للذهاب إلى صفقة وفق شروط المقاومة للحفاظ على حياته السياسية، أو الاستمرار بالعناد والتسليم بمسار سقوط حكومته نحو تشكيل حكومة جديدة ستذهب مباشرة إلى صفقة وفق شروط المقاومة.
الخيار الثاني: التكتم على الخسائر والذهاب إلى صفقة لوقف الحصار الناري الذي يفرضه المحور، وهو حصار قائم على نهج ثابت من التصاعد الكمّي والنوعي التدريجي، هذه الصفقة لن تكون إلّا بشروط المقاومة، ما يعني هزيمة استراتيجية للاحتلال وانتصاراً استراتيجياً للمقاومة.
الخيار الثالث: التكتم على الخسائر وعدم الذهاب لصفقة، ما يعني استمرار نهج الاحتلال الثابت منذ الطوفان في الهروب المستمر إلى الأمام نحو تعميق أزمات الكيان وتعميق وقوعه في أفخاخ الاستنزاف، باعتبار الاستنزاف إطار عمل ثابت لإدارة المقاومة للمعركة الحالية، وذلك عبر فتح الباب للمقاومة اللبنانية لاستكمال دورها كجبهة إسناد بالتوازي مع التلويح باستكمال الرد كأحد أدوات الرد والذهاب عملياً إلى استكمال الرد في الوقت المناسب.
الخيار الرابع: الإفصاح عن الخسائر وعدم الذهاب لصفقة لغرض استكمال الإبادة والتهجير في غزة، وهذا يعني فسح المجال للمقاومة اللبنانية لاستكمال دورها كجبهة إسناد، وهنا سيأتي دور الرد اليمني والإيراني، وغيرهما.
ولكن من المهم هنا الانتباه إلى أنّ مجرد الإفصاح عن الخسائر، يعني إقرار حكومة نتنياهو بالخسائر وبالكذب أيضاً، ما يحيلنا من جديد لخيار سقوط الحكومة أو على أقل تقدير تعرضها لخسارة كبيرة أمام جبهتها الداخلية.
كل ذلك يعني أنّ سماحة السيّد حسن نصرالله أهدى نتنياهو شرف إعلان انتصار المقاومة وهزيمة الكيان، حيث يتعلّق الآن مصير نتنياهو الشخصي ومصير الكيان الذي غدا رهينة لمصير نتنياهو بالإقرار بحجم الخسائر الناجمة عن رد اليوم أو الذهاب إلى صفقة بشروط المقاومة!
علي حمدالله – فلسطين