بينما تنشغل وسائل الاعلام العالمية والعربية نقلاً عن استخبارات الدول الغربية و”الاستخبارات الاسرائيلية” حول مسألة الرد وكيف ستكون طبيعته وماذا سيحمل بعده، يتكبد الاقتصاد الصهيوني خسائر فادحة وموجعة وحالة فوضى عارمة في الكيان المحتل، فالمصانع مغلقة وشركات الطيران العالمية اوقفت رحلاتها الى الكيان والتأهب واسع جدًّا، اضافة الى فشل في التقديرات الاستخباراتية “الاسرائيلية” والغربية حول طبيعه الرد وتوقيته، فعلى مدار ايام وساعات وليالي بعد الجرائم الصهيونية في المنطقة، والتي تخطت كل الخطوط الحمراء، و”اسرائيل” بقادتها ومستوطنيها لم يستطيعوا ايقاف الساعة الرملية بتوقيت عقل المحور الاستراتيجي الذي يبدع وبعد اكثر من 10 اشهر في خياراته بالمفاوضات وبالميدان ..
وفي الايام التي ينتظر بها الكيان الصهيوني الرد المرتقب من المحور والذي أعّد له العُدَّه الكاملة دوليًّا ودفاعيا وهجوميًّا وفي التهديد والوعيد، لا يعرف هذا الكيان من اين يتلقى الضربات العسكريه والعمليات البطولية سواء في فلسطين او جبهات الاسناد، التي لم تتاثَّر قوتها وصلابتها وايمانها، بعد الجرائم “الاسرائيليه” التي يظن نتنياهو وقادة حكومته ومن خلفه بانها قد تؤثر على عزيمة محور المقاومة بالمضي نحو تحقيق اهدافه بمنع انتصار”اسرائيل”، فكانت الضربة القاتلة لمشاريع المحور الصهيو/ امريكي بتعيين القائد والمجاهد يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس، والتي تؤكد حقيقة وافق ومستقبل المنطقة التي يتطلع اليها محور المقاومة واهمية هذه الحرب على مستقبل دول المنطقة كلها وليس فلسطين وحسب، بل ان تعيين القائد السنوار رئيسًا لحركة حماس تؤكد وكما قال سماحه السيد حسن نصر الله بأن هذه الحرب لم تبدأ لتنتهي حتى تلقين العدو هزيمة مدوية اضافة لذلك تغيير وجه المنطقة واقامة مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي يلبي تطلعات شعوب المقاومة.
وكان اللافت بأن اليوم الذي عُيِّن فيه يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس، جاء بعد كلمة سماحه السيد حسن نصر الله، الذي تحدث في اكثر من نصف خطابه عن أبعاد هذه الحرب وأهداف الكيان الصهيوني في المنطقة المعلنة وغير المعلن منها والمخاطر المحدقة بكل شعوب هذه الامه من نيلها الى فراتها، وايضًا في الوقت الذي تنتظر فيه “اسرائيل” ردا على مستوى المحور مما يؤكد بأن المواجهة مستمرة وبأن الاستسلام غير وارد قبل هزيمة “اسرائيل”.
ولان المواجهه وبعد اكثر من 10 اشهر مفتوحة فهي وضمن الاطار المعنوي وليس المادي واسعة وشاملة وعميقة، اذا اسقطنا نتائجها وما ينوي المحور تحقيقه من اهداف للمستقبل، على حروب النظام العالمي بعد ان دعمت روسيا كامل الاجراءات التي تنوي ايران اتخاذها في الشرق الاوسط، اضافة لما تلقته روسيا من ضربة مفاجئة طالت تقدمها على امتداد خط الجبهة الاوكرانية، فما يجري في كورسك ليس منفصلاً عما يجري في غزة، خاصة ومع اعلان واشنطن في اكثر من مناسبة عن امتلاكها لأدلة بأنّ روسيا تقدم الدّعم العسكري لمحور المقاومة.
وحول البيان المصري/ القطري/ الامريكي باستئناف المفاوضات و وقف اطلاق النار والذي هو حق يُراد به باطل، يُعتبر بمثابة دعم سياسي للاحتلال ومواجهة سياسية ضد ايران، وهدفه واحد وهو شيطنة ايران واظهارها بالساعية للحرب واحراجها بعدم الرد، أما اذا جاء الرد في الوقت الذي تُدار فيه المفاوضات فسَيتم تحميلها جرائم الاحتلال في الوقت الذي يمارس الكيان دور الضحية، بالضبط كما فعل او حاول نتنياهو فعله في كلمته امام الكونجرس، ومن ناحية أخرى و من باب الخبث السياسي لا شيء يفسر قبول نتنياهو استعداده العودة لطاولة المفاوضات والضغط الامريكي على الدول الوسطاء الا لاقتناعهم بحتمية الرد المرتقب ظنًّا منهم انهم باستطاعتهم جر محور المقاومة للفخ الذي يرتبونه لهم نحو الحرب الكبرى، وليس هاما توقيت الرد اذا كان قبل جولة التفاوض او بعدها، المهم ماذا سيحمل الرد من معادلات وتثبيت استراتيجيات واصرار في المضي على تحقيق اهداف محور المقاومة، لذلك فإن هذه الحرب وبعد كل ما حصل خلال 10 اشهر فهي لم تبدا لتتوقف في المكان الذي كانت عليه قبل الطوفان وهي وإن توقفت في يوم من الايام الا انها ستعود وستعود اقوى لانها واحدة من حروب الحسم ومن حروب النظام العالمي الجديد.
بالمحصلة، فان “اسرائيل” الكيان الغاصب يعرف ويدرك بان هزيمته واضعافه سيجعله ومع تراجع النظام الاحادي القطب وفشله مع واشنطن في حسم هذا الصراع، ينتقل الى مستقبل لا سيطرة له على فلسطين، وكل المطلوب هو الثبات والمقاومة لانه مهما كانت الاثمان غالية، فهي لن تكون أغلى من ثمن الاستسلام.
محمود وسوف -لبنان