عمليات اغتيال العقول العلمية والنوابغ السورية تمثل إحدى أشد صور العدوان على الأمة، وهي جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى شلّ قدرتها على النهوض والتقدم. استهداف العلماء والمفكرين ليس مجرد جرائم فردية عشوائية، بل هو عمل ممنهج يُدار من قبل قوى الاحتلال الصهيوأمريكي وأذرعها في المنطقة، لضمان استمرار حالة التبعية وإجهاض أي مشروع حضاري يُعيد للأمة مكانتها.
إن قتل العلماء السوريين، سواء داخل الوطن أو خارجه، ليس مجرد اغتيال لأشخاص، بل هو استهداف لمستقبل الأمة بأكملها. فهؤلاء العقول يمثلون نبض التطور العلمي والصناعي والبحثي، وهم القادرون على كسر قيود التخلف وإطلاق مشاريع الاستقلال الوطني. ومن خلال تصفيتهم، تُحرم سوريا من أدواتها الأساسية لإعادة البناء ومقاومة الاحتلال بأشكاله المختلفة.
ما يزيد هذه المأساة ألما هو صمت العالم تجاه هذه الجرائم، بل وتواطؤ بعض القوى الدولية والإقليمية. إن استباحة العقول العربية والسورية خاصة تعكس بوضوح مدى إدراك الأعداء لأهمية هذه الكوادر في معركة التحرير والتنمية. في المقابل، تُظهر الأحداث حاجة الأمة الملحة لتوفير الحماية لعلمائها وإعادة تفعيل مشاريع البحث والتطوير ضمن بيئات آمنة ومستقلة.
ما يحدث ليس مجرد اغتيال أفراد، بل هو اغتيال لطموحات الأمة. ولهذا، لا بد أن يكون الرد بقدر هذا التحدي: حماية العقول، استثمارها، وتعزيز ثقافة البحث العلمي والاستقلالية الوطنية. فالمعركة ليست فقط معركة حدود وجيوش، بل معركة عقول وإرادات.