“..أنتم لا تعرفون اليوم من تقاتلون، أنتم تقاتلون اليوم أبناء محمد وعلي والحسن والحسين وأهل بيت رسول الله وصحابة رسول الله، أنتم تقاتلون قوما يملكون ايمانا لا يملكه أحد على وجه الكرة الأرضية..”
في حرب تموز 2006، قصف الكيان بيروت والضاحية بما يملك من ضراوة وحقد أسود على المقاومة ولبنان العصي. كان لحارة حويك والمربع الأمني لحزب الله النصيب الأقسى رغم أن المنطقة في أغلبها سكنية، الا ان غطرسة واجرام العدو لم يشفع لها، وسويت مباني بالأرض، وارتفع عدد البيوت المدمرة وعدد الشهداء فيها، زيادة على الخسائر في البنية التحتية والمرافق العمومية، قصفت الضاحية في مرة واحدة بـ 23 طن متفجرات عالية الانفجار وقصف مبنى قناة المنار خمسة عشر مرة وبالرغم من ذلك لم تتوقف عن البث الا دقيقتان فقط. خرجت الشائعات حول نهاية لبنان وسيده وكثر الزيف واللغط، وعَمَّ التشكيك والتلفيق، وفجأة استفاق العالم على سيد البيان يعلن بصوته الرخيم الواثق المبين: “الآن في عرض البحر، في مقابل بيروت البارجة الحربية العسكرية الإسرائيلية التي اعتدت على بنيتنا التحتية وعلى بيوت الناس وعلى المدنيين، أنظروا اليها تحترق وستغرق ومعها عشرات الجنود الصهاينة..”!!!.
لم يحدث في تاريخ الحروب أمر جلل كهذا، أن يتزامن باللحظة والآونة والنفس تنفيذ عملية عسكرية مع اعلان التنفيذ مباشرة على الهواء!!، أبدا لم يحصل مثل هذا ولم تعرف الإنسانية فيما مضى مشهد حربي بهذه العظمة والمجد والجسارة والشجاعة والذكاء. إ
طلالته البهية في 14 جويلية 2006، قيل فيها ما قيل وسال حبر حولها، باعتبارها عملية تُدَرس في أعتى الاكاديميات الحربية، ومن طرف محللين غربيين لا عرب. أما عن النهايات فكانت الغلبة كما يعلم الجميع للوعد الصادق، واستعاد لبنان بهائه وشُيِّدت الضاحية من جديد وبُنِيت بيوت العائلات ورجعت بيروت لاشعاعها. وحدهم الشهداء نقشوا وفاءا من نورهم ودمهم في ذاكرة المقاومة وجمهورها العابر للحدود.
اليوم يستهدف العدو مرة أخرى الضاحية وحارة حريك، ويشير في محاولة لبث الذعر والرعب في قلوب الناس التي تهتف باسم سيد المقاومة وتعلق كل أمال النصر على أكتافه، أن عدوانهم طال سيد المقاومة لا سمح الله، مثلما سوقوا لنفس الخبر في عدوان البايجر قبل أيام، يريدون كسب نصر زائف واللعب بالوقت أمام جمهورهم وبث الشك في حاضنة المقاومة. فبعد عمليات نوعية لجبهة الإسناد اليمنية وقصف تل أبيب بصاروخ باليستي واستهداف ناجح لعسقلان ولثلاثَ مدمراتٍ حربيةٍ أمريكيةٍ في البحر الأحمر، كان لزاما على محور العدو الأمريكي الصهيوني أن يرد بضربة تُخلف كثيرا من الألم في قلوب المقاومين وبيئتهم وتُحدث ضجيجا حولها بهدف التأثير في نفوس الناس بعد أن تستهدف المدنيين كالعادة وتمعن في التقتيل، متناسين أننا قوم مؤمنون وأن الحكمة في ما يريده الله لنا ولا نخشى شيء من غيره عز وجل.
لن نجد أكثر حكمة من كلام السيد عن هذه المعركة، فيما معناه: “أنها قاسية وطويلة ومكلفة وأن الصفوف فيها ستتمايز مع خوض التجارب والامتحانات، وأن هناك من ينهار وآخر يتخاذل وغيره يخون وثالث يستسلم أو ينسحب، وآخرون يكملون الطريق الى الأخير، وبإذن الله للنصر المبين، فان الله في حكمته لا يعطي النصر الا لأهله الأنقياء والأصفياء”، وانما البدايات للكل والثبات للصادقين.
هند يحي – تونس