- يقف العالم اليوم على مستجدات المعركة الانتخابية بين هاريس و ترامب و ما يمكن أن تُفرِز هذه المعركة من تغيُّر في المشهد الدولي أولاً و تعقيداته التي برزت بشكل واضح خلال فترة ولاية بايدن الرئاسية ..
- تخطت إدارة الديمقراطيين الحالية في سياساتها مع الدول العظمى خطوط حمراء كثيرة، أولها كان مع روسيا و محاولتهم عزلهم عن العالم، و مع الصين و محاولتهم إرغامها على حـرب مع تايوان، و أخيرًا مع إيران و البؤرة الاستفزازية التي صنعتها لهم حول حدودها، و في منطقتنا التي حيث لا مؤشر على انتهاء الحــرب مع “إسرائيل” ، و أقاليم عديدة في العالم
اعتمدت إدارة بايدن الحالية في استراتيجيتها على إقامة نزاعات و حـروب لا يريدون لها أن تنتهي، و يطبقون سياسة يسمونها سياسة العمى و الشواش .. - لأول مرة منذ انتهاء الحـرب العالمية الثانية لجأت الولايات المتحدة لكسر كل التقاليد و الأعراف و المقررات الدولية، بدايةً ما حصل مؤخرًّا من هجـوم على كورسك الروسية، و هو التطور الذي يعطي مؤشِّر على حدّة و شدّة الاصطدام و التنافس الدولي على رسم خارطة النفوذ العالمية الجديدة، و هذه السياسة للديمقراطيين نابعة من اعتقادهم أنّه كلما أشغلنا الدول العظمى أو ما دون العظمى في توترات على حدودهم و في الداخل الاستراتيجي لديهم ، كلما أبعدوا خطر الفوضى عن جبهتهم الداخلية ..
- لا شك أن الصراع الدولي ينعكس على منطقتنا سواء سلبًا أم إيجابًا، فكلما كان التنافس بين الدول العظمى أشد كلما تعقّد المشهد في منطقتنا أكثر و هو ما نشهده اليوم بشكل واضح في حربـنا ضد الكيـان المؤقت، و إذا استمر الديمقراطيون أو فاز ترامب فإن انعكاس التغير في المشهد الدولي على المنطقة لا يجب أن يكون إلا بتثبيت الأهداف الاستراتيجية و الجيوسياسية التي قام لأجلها الطوفـان، حتى مع فوز ترامب الذي تختلف طريقة تعاطيه مع الدول العظمى باعتماده سياسة الاحتواء القائمة على أساس أن كل دولة سبب لوجود الأخرى ..
- إنّ الدولة العميقة في الولايات المتحدة -وبعد سردنا لهذه المشهدية- أمام احتمالَين أحلاهما مر، فهي غير قادرة على تثبيت الأهداف الاستراتيجية المضادة للطوفـان، و غير قادرة على حسم الصراع الدولي بالطريقة التي تمكنها من استمرارها تربُّعها على عرشه، و الحقيقة أن دول الغرب الجماعي في حالة ضياع و انقسامات نتيجة أنه لا توجد استراتيجية يمكن أن تنجح في التخفيف من نتائج ما يمكن أن تفرزه ميادين الصراع في العالم على مفاوضات السياسة ..
- القاسم المشترك بين هاريس و ترامب تعطشهم للحـروب في العالم، لكن تختلف نظرة ترامب عن هاريس بأنها أكثر واقعية خاصة في علاقاتهم مع الدول العظمى من المنظور الدولي، و كأننا نقول إن سياسة ترامب الخارجية تعترف بقدرة الصين و روسيا، و يتعامل مع هذه الدول بالطريقة التي تنظر الولايات المتحدة بها إلى نفسها و هي النظرة الرأسمالية المتحجرة، بينما سياسة هاريس العمياء يعني استمرار المشهد الضبابي و استمرار الفوضى الخلّاقة و إبعاد الفوضى عن جبهتهم الداخلية ..
- لا يمكن لأي قارىء اليوم أن يعطي إجابات حاسمة لجهة من يمكن أن يفوز في هذه الانتخابات المهمة جدًّا اليوم في ظل ما يمرٍّ به العالم، لكن الرؤية الثابتة في الحقيقة هي أن العالم يتغير و يتشكل من جديد، و إذا لم يكن لنا نحن دول المنطقة مكانة هامة في هذا العالم بالتأكيد لن يكون لنا و لتاريخنا أي وجود، و هذه المكانة لا يمكن تثبيتها إلا بالإصرار على خيار المقـاومة ..
محمود وسوف – لبنان