ألم يحن الوقت لحلفاء أمريكا العرب أن يعيدوا حساباتهم في تحالفهم مع الولايات المتحدة الأمريكية؟!
ونحن هنا نوجه لهم هذه الدعوة ونتساءل هذا السؤال، ليس من منطلق تحريك عواطفهم وتذكيرهم بعروبتهم، أو على الأقل تذكيرهم بإنسانيتهم، حيث إن غزة تباد بسلاح أمريكي.
ذلك لأننا وجهنا دعوات وتساءلنا تساؤلات كثيرة مستندين إلى هذه المنطلقات والمبادئ، لكننا اليوم نوجه هذه الدعوة ونسألهم هذا السؤال انطلاقاً من نفس الدوافع التي استندوا إليها بتحالفهم ورهانهم على هذا الخيل الأمريكي.
وهذا الخيل الأمريكي خاسر لا محالة؛ كيف لا وهو لا يستطيع حماية من يصفهم بحلفائه في المنطقة؟، وكيف لا أيضاً وأنظمة دفاعاته الجوية -التي تم تصديع رؤوسنا بأنها التكنولوجيا الأعلى في العالم- لا تستطيع التصدي لصواريخ حزب الله وطائراته المسيرة؟، بالإضافة إلى أنه لا يخفى علينا أن هذا الأمريكي وحليفته إسرائيل يهزمون كل يوم من قبل الفصائل الفلسطينية وتدمر آلياتهم ودباباتهم بقذائف فخر الصناعة الغزاوية.
وهل تصورنا أن يأتي اليوم الذي نرى فيه اليمن يستهدف السفن وحاملات الطائرات الأمريكية في الوقت الذي يريده حيث تعجز كل التكنولوجيا الأمريكية عن التصدي له؟. وإن كانت أمريكا لا تستطيع حماية نفسها من اليمن فكيف ستستطيع حماية سفن حلفائها، بل كيف ستستطيع حماية السعودية التي هي الأخرى اشترت أسلحة ونظماً دفاعية من الولايات المتحدة بمئات مليارات الدولارات؟. وهل تستطيع أمريكا إنقاذ أوكرانيا؟ الإجابة بالتأكيد ” لا”، نتيجة التراجع الأمريكي.
ويتجلى هذا التراجع الأمريكي في عملية الوعد الصادق الإيرانية، التي ابتلعها كل من الأمريكي وحليفه الإسرائيلي مرغمين، فهل هذه هي الولايات المتحدة التي عهدناها والتي تريد هزيمة التقدم الصيني-الروسي؟ هل هذه هي الولايات المتحدة التي صدع بعضُ العرب رؤوسنا وهم يصورونها قوة عظمى لا تهزم ويرون أن العالم يدور في فلكها؟
وعلى صعيد آخر: أليس الاقتصاد الأمريكي في تراجع؟
أضف إلى ذلك البطالة والتشرد والفقر والإدمان والجريمة المنتشرة في الشارع الأمريكي، حيث إن هذه العوامل كفيلة بالفتك بمجتمعات بأكملها، بالإضافة إلى شبح الحركات الانفصالية الذي يطارد الولايات المتحدة وبالأخص جنوبها.
ثم علاوة على ذلك دعونا ننظر إلى الدولة التي تقدم نفسها كأم الديمقراطيات في العالم، وقد شاهدنا قوات أمنها تقمع الطلاب الأمريكيين السلميين، فقط لمطالباتهم بوقف إطلاق النار على غزة.
ويتجلى التراجع الأمريكي واضحاً أيضاً في المناظرات الانتخابية الهزلية التي شهدناها بين بايدن وترامب في الآونة الأخيرة، والتي لا ترتقي إحداها لمستوى مناظرة انتخابية لهيئة محلية في مكان ما ناءٍ ، في دولة نامية. ناهيك عن عشرات التقارير الصحفية الصادرة عن أشهر الصحف الأمريكية التي تتباكى على العبء الناتج عن الانتشار الكبير للقوات الأمريكية في أطراف العالم والذي لم تعد الولايات المتحدة تحتمله.
ويبقى المثال الأبرز الطريقة الذليلة التي خرجت بها الولايات المتحدة من أفغانستان، عدا عن أمثلة كثيرة لم نذكرها – فلو أردنا ذكرها كلها لتحولت هذه المقالة الى مؤلف – والتي تثبت أن أمريكا اليوم ليست كما بالأمس، وقد أضحت الآن عالمياً الدولة الأكثر كرهاً وبغضاً من قبل دول وشعوب العالم نتيجة سياساتها الإمبريالية الإجرامية.
فقد حان الوقت يا عرب لإعادة حساباتكم السياسية والمضي في ركب التغيرات الدولية، إلا إذا كنتم ترتبطون بأمريكا أيدولوجياً وفكرياً، وكان الانسياق وراء أمريكا بالنسبة لكم مسألة جذرية!
وأنا لا أستبعد ذلك …..
محمد الدّجاني_القدس