أغار في مثل هذا اليوم قبل 23 عامًا سلاح الجو الصهيوني مدجّجًا بصواريخه العدوانية على مقر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في رام الله، واستشهد إثر تلك الغارة أمين عام الجبهة، أبو علي مصطفى ، الذي عاد إلى وطنه الأم “ليقاوم لا ليساوم” كما ظل يردّد.
-نبذة مختصرة
ولد أبو علي مصطفى -واسمه الحقيقي علي الزبري- في عائلة مزارعين في قرية عرابة في جنين ،واضطرته ظروف الحياة إلى ترك المدرسة باكرًا ليعمل في الزراعة.
في العام 1955 انتسب أبو علي مصطفى الذي كان يبلغ آنذاك 17 عاماً إلى حركة القوميين العرب بعدما تعرف على بعض أعضائها من خلال عضويته في النادي القومي العربي في عمّان وهو نادٍ رياضي ثقافي واجتماعي.
اعتقل أبو علي مصطفى في العام 1957 عدة مرات بسبب الحراكات التي كان يشارك فيها في الأردن إلى جانب القوى الوطنية، وأطلِق سراحه ليُعاد اعتقاله بعد أقل من شهر ، وقُدم للمحكمة العسكرية بتهمة مناوأته للنظام والقيام بنشاطات ممنوعة والتحريض على السلطة وإصدار النشرات فصدر بحقه الحكم بالسجن لمدة خمس سنوات.
في نهاية العام 1961 أطلق سراحه فعاد لممارسة نشاطه في الحركة حيث شكل الخلايا الطلابية وخلايا من الموظفين والفلاحين ، فتوسعت مسؤولياته الحزبية وعُيَّن مسؤولاً عن القسم الشمالي من الضفة الغربية وأنشأ فيها منظمتان تابعتان للحركة: الأولى عمل شعبي والثانية عسكرية سرَية.
في العام 1965 خضع أبو علي مصطفى لدورة عسكرية سرَية لتخريج الضباط الفدائيين في “مدرسة أنشاص” في مصر ، ليتولى بعدها مهام تشكيل مجموعات فدائية، فشارك في تأسيس الوحدة الفدائية الأولى ضمن حركة القوميين العرب والتي كانت معنية بالعمل داخل فلسطين، وأصبح عضواً في قيادة العمل الخاص في إقليم الحركة الفلسطيني.
اعتُقِل أبو علي مصطفى مرَة أخرى في عام 1966
في أعقاب النكسة ، و قام مع عدد من رفاقه في الحركة بالاتصال مع الدكتورين جورج حبش ووديع حدَاد بهدف العودة لممارسة نشاطهم والبدء بالتأسيس لمرحلة الكفاح المسلح، حيث شارك في تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
منذ انطلاقة الجبهة الشعبية , قاد أبو علي مصطفى الدوريات الأولى إلى فلسطين عبر نهر الأردن لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتولى في بدايات التأسيس مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية ثم أصبح المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن حتى عام 1971 وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي ثم اختفى لعدَة شهور في الضفة الغربية، وإثر انتهاء ظاهرة وجود المقاومة المسلحة سنة 1971 غادر الأردن سرَاً إلى لبنان.
انتُخِب أبو علي مصطفى نائباً للأمين العام للجبهة الشعبية في المؤتمر الثالث للجبهة عام 1972 وشغل هذا المنصب حتى عام 2000.
شارك أبو علي مصطفى أثناء وجوده في لبنان في مقاومة الاجتياح “الإسرائيلي” عام 1982 الذي شهدته مدينة بيروت، تعرض في تلك الفترة لعدَة محاولات اغتيال كان أبرزها في منطقة الكولا في بيروت.
خرج أبو علي مع عناصر المقاومة الفلسطينية من لبنان إلى سوريا، وترأّس وفد الجبهة الشعبية في حوارها مع حركة التحرير الوطني فتح في عدن والجزائر عام 1984 وفي تشيكوسلوفاكيا عام 1987.
شغل أبو علي مصطفى عدّة مناصب منها: عضو في المجلس الوطني الفلسطيني منذ العام 1968 وعضو المجلس المركزي الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1987 وحتى 1991.
عاد أبو علي مصطفى إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية بتاريخ 30 أيلول 1999 بعد 32 سنة من حياة المنفى، وكان قرار عودته قد اتخذته قيادة الجبهة بهدف إعادة تشكيل وتنشيط العمل التنظيمي للجبهة الشعبية.
تم انتخاب أبي علي مصطفى أميناً عامّاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في المؤتمر الوطني السادس الذي عُقد في دمشق عام 2000 ، خلفاً للأمين العام الدكتور جورج حبش الذي أعلن استقالته من هذا المنصب.
استطاع أبو علي بعد أشهر قليلة من انتخابه إعادة تجميع أواصر الجبهة في الداخل والخارج مُؤكداً على تمسكها بالثوابت الوطنية الفلسطينية .
كان للراحل دور بارز في قيادة الانتفاضة الثانية “انتفاضة الأقصى” التي اندلعت في 28/9/2000 حيث شكّلت الجبهة الشعبية أحد الأذرع العسكرية للانتفاضة بمشاركة القوى الحليفة.
-اغتياله
في 27 أغسطس 2001 اغتالته طائرات الاحتلال بصاروخ استهدف مكتبه في رام الله ، وأصبح بذلك أول زعيم سياسي فلسطيني يتم اغتياله خلال الانتفاضة الثانية.
تم دفته في مقبرة الشهداء في مدينة البيرة.
-إرثه
غيّر الجناح المسلح للجبهة الشعبية اسمه من (قوات المقاومة الشعبية) إلى (كتائب الشهيد أبو علي مصطفى)، وكانت الكتائب أول من أطلق قذائف هاون من قطاع غزة عام 2001، ومن بين عملياتها البارزة اغتيال “وزير السياحة الإسرائيلي” رحبعام زئيفي في فندق “رجنسي” في أكتوبر 2001؛ ردًا على اغتيال أمينها العام أبو علي مصطفى.
الآن و منذ أكثر من عشرة أشهر- منذ بداية الطوفان- والجبهة الشعبية في قطاع غزة شاركت و تشارك وستشارك في عمليات بطولية تستهدف الاحتلال الصهيوني الغاشم سواء بمفردها أو مع أحد حلفائها ككتائب القسام و سرايا القدس على سبيل الذكر ، وكانت آخر عملية قبل ثلاثة أيام حيث نشرت مشاهد من الاستحكام المدفعي والصاروخي للكتائب شرقي مدينة دير البلح وقرية المصدر الذي استهدف تحشدات العدو بقذائـف الهاون عيار “60” ملم وصواريخ “107”.
نذير محمد – تونس