في ظلّ تسارع الأحداث في اليمن بعد سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، المطالب بانفصال جنوب البلاد، على محافظتي حضرموت والمهرة مطلع الشهر الحالي، كشفت وسائل اعلام عربية أن النقاشات الدائرة في الرياض تبدو غير مسبوقة من حيث طبيعتها، ولا سيّما في ضوء فشل الوفد السعودي الإماراتي الذي زار عدن الجمعة الماضي في التوصل إلى اتفاق مع «الانتقالي» يقضي بسحب قواته من شرق اليمن، ما فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعقيد وعدم اليقين، وسط تساؤلات حادة حول مستقبل مجلس القيادة الرئاسي في ظل الانقسام بين أعضائه.​

وأعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من دولة الإمارات، بدء عملية عسكرية في محافظة حضرموت شرقي البلاد، ضمن مساعيه لاستكمال السيطرة الكاملة على المحافظة الاستراتيجية الغنية بالنفط.

ونشرت قناة «عدن المستقلة» الناطقة باسم المجلس، الثلاثاء، مقطعًا مصوّرًا تحدّث فيه قائد لواء بارشيد التابع للمجلس، عبد الدائم الشعيبي، عن إطلاق عملية للسيطرة على جميع الأودية وتمشيطها وصولًا إلى منطقة الهضبة، حيث تقطن قبائل مناوئة للمجلس.​

وقال الشعيبي إن قواته نفّذت عملية تمشيط لوادي سر في مديرية القطن شمال حضرموت ضد من وصفهم بـ«العناصر الإرهابية»، مؤكدًا أنهم «مسيطرون على الأوضاع في الوادي»، مضيفًا أن «العملية مستمرة إلى أن نصل إلى هضبة حضرموت، أهم معاقل حلف قبائل حضرموت، وغيرها من المنافذ».

وتابع أن هذه القوات أغلقت عددًا من الطرقات الفرعية التي يُعتقد أن هذه المجموعات تستخدمها، واستحدثت مواقع جديدة لمنع تسللهم، مشيرًا إلى أن الهدف هو إغلاق جميع الأودية التي تُستخدم – بحسب تعبيره – للإضرار بحياة المواطنين داخل حضرموت واليمن بشكل عام.​

وتأتي هذه العملية بعد أيام من إطلاق المجلس الانفصالي عملية أخرى في محافظة أبين حملت اسم «الحسم» ضد تنظيم القاعدة، وفق ما أوردته وسائل إعلام تابعة له، في سياق توسع عسكري متدرج جنوب وشرق اليمن.​

في المقابل، اتهم «حلف قبائل حضرموت» قوات حماية الشركات النفطية بقيادة العميد أحمد المعاري، وبمشاركة قوات «الدعم الأمني» التابعة للمجلس الانتقالي، بتنفيذ عمليات اختطاف واعتقال بحق مواطنين في مناطق مختلفة.

وقال الحلف، وهو تكتل قبلي مناوئ للإمارات والمجلس الانتقالي تأسس عام 2013، في بيان، إن هذه القوات «تنال من المواطنين في الطرقات، وتلاحق كل من يساند مشروع حضرموت، وتعمل على تخويفهم وإرهابهم واقتيادهم إلى أماكن مجهولة»، محذرًا من «خلق واقع ينذر بحدوث صراع قد يؤدي إلى انفجار الموقف ويهدد أمن واستقرار حضرموت».​

وسيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت مطلع كانون الأول/ديسمبر الجاري، بعد معارك مع «حلف قبائل حضرموت» وقوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للجيش اليمني، قبل أن توسّع حضورها خلال أيام نحو محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان من دون قتال يُذكر.

وتترافق هذه التطورات مع تصاعد الأصوات المحلية المطالِبة بخروج هذه القوات من المهرة، في ظل مخاوف من إعادة رسم خريطة النفوذ في اليمن لمصلحة المجلس الانتقالي وحلفائه الإقليميين.

وتأتي هذه التطورات في سياق أنباء متداولة عن اتصالات تُجرى بين «المجلس الانتقالي الجنوبي» والكيان الإسرائيلي، يعرض فيها انفصاليو الجنوب التطبيع مقابل إقناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بدولتهم الجنوبية، في إطار مساعٍ أوسع لربط مشروع الانفصال بمسار «اتفاقات أبراهام» وتوسيع دائرة التطبيع في المنطقة.​

ويرى متابعون أن سلوك «الانتقالي» في المرحلة الراهنة مرتبط بسياسة الضغط الشديد لانتزاع «تنازلات أكبر» من القوى الإقليمية والدولية، مع ترجيحات بأن تشهد المرحلة المقبلة «مقايضات» بين الرياض وأبو ظبي تقوم على رسم مناطق نفوذ متمايزة لكل منهما في اليمن، بحيث تُكرَّس محافظات أو مساحات جغرافية ضمن المجال السعودي وأخرى ضمن المجال الإماراتي، على وقع إعادة تشكيل الخريطة السياسية في الجنوب اليمني.