بين ضجيج التسليم الروسي وهدوء الغياب السوري: من يمسك بعنق المشهد؟

_زيارة تخرج عن السيطرة… وصدى يتجاوز موسكو!
“أدراج موسكو طويلة.. وأدراج الأسد تقطع الأنفاس”!

لم تكن الزيارة المفاجئة للجولاني إلى روسيا حدثاً عادياً، بل إشارة استخبارية بامتياز…
غيابه عن شرم الشيخ وراءه الروسي الذي يتحدى الأمريكي في صراع النفوذ على الشرق.. ولكن.. هل نجح بوتين؟!

الحدث الذي روّجت له وسائل إعلام العدو، وتبنّاه إعلام العملاء بلهفة، جرى تسويقه كعلامة على «ترتيب موازين القوى» و«التحضير لتسليم الأسد»!

لكن خلف الضجيج، كان هناك صمت أعمق… صمت يضحك في ركن القيادة العميقة لكل مايجري!

الرسالة لم تكن روسية، ولا موجهة إلى دمشق، بل كانت انعكاسًا لارتباك موسكو الأخلاقي والاستراتيجي. فحين تعجز القوة عن تحقيق إنجاز عسكري أو سياسي، تبدأ بصناعة الرموز الوهمية لتغطية فراغها

وحيث أرادت موسكو توجيه ضربة للأمريكي بتغييب الجولاني عن محضر شرم الشيخ ليحضر في قاعة “الشرف” الروسية سقطت موسكو في إدارة اللعبة بين ظاهرها وباطنها في أقل تقدير.. وفي الوقت الذي استثمر حتى الأمريكي القذر الذي صنع الجولاني في مشهد هذا الإرهابي، فقدم الأمريكي نفسه كمحارب للإرهاب ومدير للملفات بما يخدم الشعوب وهو كاذب مفترٍ.. وجدنا الروسي يسقط في وحل الإرهاب الذي تشتمه كل ضمائر الشعوب.. أي سقوط يا فلاديمير!

_حين تُصنع الرموز وتُطلق كالرصاص!

في عالم الاستخبارات، لا يظهر القادة الميدانيون صدفة، ولا يتحركون بلا توقيت!

تاريخ المنطقة يعجّ بأسماءٍ أُعيد تدويرها، وأُطلقت في لحظات مفصلية لتخدم أهدافًا تتجاوزها!

الجولاني لم يكن استثناءً، بل جزء من لعبة أكبر — لعبة تُصنع فيها الرموز لتُستعمل، لا لتقود!

وإذا كانت بعض التسريبات القديمة تحدّثت عن إطلاقه ضمن تسوية غامضة، فإن الأهم هو التوقيت الحالي:

لماذا الآن؟ ولماذا موسكو؟

_عذرا فخامةَ حليفنا الذي تمنينا أن ينجح في الامتحان!

الارتباك الروسي بلغ ذروته

والمسرح يحتاج وجهًا جديدًا يُمنح الضوء ليحجب العجز.. وبأحسن الأحوال لربح الأوراق!

“فخامةَ” بوتين “ياصاحب الجمجمة”.. حرم الأسد أكبر من أن تقامر فيه.. فهل صرت “ابن ملجم” دون أن يعرف بك أحد؟!!

تعالوا نكشف لكم سرّاً..
👇👇👇

_حميميم… المشهد الذي أعاد تشكيل صورة القيصر!

الحدث الذي لم يُقرأ كما يجب: حين زار بوتين قاعدة حميميم ٢٠١٧ ظنّ العالم أن الرجل جاء ليُعلن انتصاره في سورية، وأن تقدم الأسد خطوة خلفه كان مجرّد بروتوكول!
السوريون قهرهم المشهد.. ولم يعرفوا أن الأسد ينقذ بوتين!

بوتين كان في أسوأ لحظاته السياسية في الداخل الروسي، وأن المشهد كلّه صُمم ليمتصّ الغضب الشعبي هناك.
كان على القيصر أن يظهر منتصرًا، وكان على الأسد أن يمنحه ذلك المشهد!

من يومها، لم يدرك الروس أن تلك اللقطة كانت قمة الذكاء السوري: إنقاذ بوتين من الانهيار مقابل تثبيت صورة الأسد كرمز إقليميٍّ لا يمكن تجاوزه.
ومنذ تلك اللحظة، الحقيقة وللأسف فقدت موسكو القدرة على قراءة دمشق بعيونٍ واقعية.. ونسيت ذلك رغم أن دمشق أنقذتها مرارا في حربها مع أوكرانيا!

_سقوط أخلاقي… وارتباك استراتيجي في موسكو!

روسيا التي كانت تتحدث بثقة عن “السيطرة على الملف السوري”، تعيش اليوم حالة تشتّت علني بين الكرملين ووزارة الدفاع والاستخبارات الخارجية!

نسق يشكل أكبر لوبي صهيوني لإسقاط موسكو التي صعدت من خلال منصة سورية!
ونسق آخر.. في خضم الصراعات غير المسبوقة وفي لحظات لا تشبه أي تجربة مرت في التاريخ السياسي والعسكري للقوى المتصارعة في كل تواريخ الأمم!

كل طرف يجرّ الملف في اتجاه، وكل تصريحٍ جديد يبدو كأنه يناقض سابقه!
وهذا أكبر دليل على التخبط الكبير والارتباك الاستراتيجي!

وحين تسقط الدول في فخّ ازدواجية الخطاب، تبدأ بإطلاق البالونات الإعلامية: «زيارات»، «لقاءات سرية»، «تبديلات مرتقبة» .. وتسليم أوراق يبحث عنها كل العالم!

لكن الحقيقة المرة أن موسكو فقدت زمام المبادرة، وتحوّل نفوذها في سورية من ورقة قوة إلى عبء أخلاقي واستراتيجي يجرّها نحو المستنقع!

فالأسد لم يكن صنيعة موسكو ولم يخرج من يد موسكو

بل العكس، موسكو هي من خرجت من معادلة الأسد!

خرجت مرتين:
مرة كقطب جديد صاعد.. ومرة تكاد تكون سقوطا مدويا ومؤلما مازلنا لا نتمناه لبوتين!

_فوق الجغرافيا… حيث تُكتب الحقيقة بصمت!

من يسلّم من يا إعلام الحمقى؟!
جميعهم يتصاولون بورقة الأسد.. وجميعهم أعزلُ!

فيا أيها الخائفون.. ويا أيها المتأملون عبثاً تبحثون عن الأسد في خرائط الآخرين!

الذين يتحدثون عن “وجوده في روسيا” ينسون أن الغياب يمكن أن يكون أحياناً أشدّ حضوراً!

الموقع الحقيقي للأسد اليوم ليس مكانًا جغرافيًا، إنما هو تموضع استخباري فوق الخريطة كلها!

من هناك، من حيث لا يتوقع أحد، تُدار الخيوط التي تربط بين ما يجري في الشمال السوري وما يحدث في البحر، وبين ما يُطبخ في واشنطن وما يُعلن في تل أبيب!

لقد تجاوزت المعادلة فكرة «النفوذ»، لتصل إلى مستوى «الإحاطة» — حيث يصبح القرار المركزي في يد من لا يُرى، لكن الجميع يتحرك وفق إيقاعه!

حتى العدو.. يدير حراكه على هذا الأساس!
لكن المفاجأة الصاعقة أنه يعبث في جغرافيا لن تمنحه سواء الهباء!

_انقلاب المعادلة — من يملك عنق الآخر؟

الإعلام الروسي يتحدث عن «مرحلة ما بعد الأسد»… بينما الحقيقة أن الجميع بات في مرحلة «ما بعد روسيا» مالم تنقذ نفسها روسيا!

من يراقب التفاصيل الصغيرة — من التصريحات المتناقضة إلى الزيارات الغامضة — يدرك أن دمشق خرجت من المربع الذي أراده الآخرون لها.
فليس الأسد ورقة في يد أحد، بل أوراقهم جميعا قد تكون بين يديه!

يحرقها أو يؤجلها أو يعيد خلطها وفق اللحظة السياسية!

من الجولاني إلى بوتين، ومن الشمال السوري إلى موسكو، ثمة خيط واحد يربط كل شيء:

الخيط الذي يشدّ أعناق اللاعبين نحو مركز واحد لا يزال صامتًا…

لكنه، حين يتكلم، يعيد رسم الخريطة.

_الصمت سلطان.. ونفوذ الكلمة الأخيرة التي لم تقل بعد:

في عالم السياسة والاستخبارات، لا يُقاس النفوذ بالضجيج، بل بالقدرة على الصمت في اللحظة التي يصرخ فيها الجميع.
الذين صدّقوا أن الأسد انتهى، ينسون أنه الوحيد الذي لم يقل بعد كلمته الأخيرة.
ومن يعرف دمشق جيدًا، يعرف أن تلك الكلمة — حين تُقال — لا تكون تصريحًا، بل زلزالًا يعيد ترتيب الشرق الأوسط من جديد

ومن يعرف الشام.. يدرك جيدا أنها العُظمى التي أعيا الفصيح مقالُها.. فكيف إن هي صمتت ولم تقل بعد كلمتها الأخيرة؟!!

انتظروا.. هذه الكلمة!

زنوبيا_الشام