بقلم: [الدكتورة نجيبة مطهر]
في تطوّر لافت، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اليوم، 7 سبتمبر 2025، عن استهداف مطار رامون الدولي جنوب البلاد، الواقع قرب مدينة إيلات، بطائرة مسيّرة انطلقت من الأراضي اليمنية. وقد أسفر الهجوم عن إصابتين طفيفتين وتعليق مؤقت للرحلات الجوية، وسط حالة من الإرباك الأمني والمعلوماتي في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
الضربة لم تكن فقط عملية عسكرية مفاجئة، بل رسالة استراتيجية معقدة تنطوي على أبعاد تكنولوجية وسياسية تعكس التطور غير المسبوق في قدرات الحوثيين.
والسؤال :لماذا مطار رامون؟
مطار رامون يُعتبر ثاني أهم مطار مدني في إسرائيل بعد بن غوريون، ويقع في منطقة تُعدّ بعيدة نسبيًا عن مرمى نيران الفصائل المعتادة، ما يجعل استهدافه تصعيدًا نوعيًا وغير متوقّع.
اختيار هذا الهدف تحديدًا يكشف عن:
• قدرات استخبارية دقيقة لدى الجيش اليمني.
• مدى أبعد للطائرات المسيّرة مما كانت تعترف به إسرائيل سابقًا.
• إعادة تعريف قواعد الاشتباك، من شمال فلسطين المحتلة (غزة ولبنان) إلى جنوبها (إيلات).
الجيش اليمني.: من دفاع تكتيكي إلى قوة ردع إقليمي
ما حدث اليوم يؤكد أن جماعة أنصار الله تجاوزت مرحلة “الرد المحدود” أو “الرمزي”، وباتت تمتلك:
الهجوم الجديد يأتي ضمن سلسلة عمليات في العمق الإسرائيلي، بعد استهداف سابق لمطار بن غوريون في تل أبيب، ما يعكس تطورًا لافتًا في بنك الأهداف والمقدرة العملياتية.
والجيش اليمني بهذه العملية يرسل رسائل متعددة الاتجاهات
1. لإسرائيل: لم يعد أي موقع بمنأى عن التهديد، سواء في الشمال أو الجنوب.
2. للمحور الغربي: الحصار البحري لم يعق القدرات اليمنية، بل دفعها للتطوير والمناورة.
3. للحلفاء: رسائل طمأنة ضمن محور المقاومة بأن اليمن لن يبقى صامتًا في معركة غزة وفلسطين.
4. للرأي العام العالمي: الحوثيون ليسوا مجرد ميليشيا محلية، بل فاعل إقليمي صاعد بامتياز.
هجوم اليوم يعيد تعريف التوازن في المنطقة، حيث تحوّل “الخاصرة الرخوة” في اليمن إلى نقطة إطلاق نيران عابرة للحدود، تشكل تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا لإسرائيل، وتضعها أمام مأزق عسكري مزدوج: مواجهة الشمال والجنوب في آنٍ معًا.
انصار الله أثبتوا أنهم تجاوزوا مربع “الردع المحدود”، وأصبحوا رقمًا صعبًا في معادلة الشرق الأوسط الجديدة — شرق تتغيّر فيه قواعد الحرب… والهيمنة.