كلّ الظروف باتت مهيأة لحرب كبرى تمتد على أكثر من جبهة، غير أنّ القرار لم يُتخذ بعد، لسبب رئيس: صعوبة توقع النتائج في ظلّ نظام دولي مضطرب. الانفلاش الأميركي المتسارع، وما يرافقه من ضغوط داخلية وخارجية، بدأ يكشف ارتباكاً في دوائر القرار في واشنطن، بينما تتجه أنظار العالم إلى بكين، حيث يُرسم ميزان الردّ الأهم.
في الشرق الأوسط، تراجعت الأولوية الأميركية بعد قمة السكا، إذ بات همّ واشنطن الأوّل هو ضمان أمن إسرائيل. ما دون ذلك بات تفصيلاً. بل إنّ أي مغامرة متهورة الآن قد تفتح الباب أمام تدخل صيني مباشر أو غير مباشر، وهو ما تخشاه الولايات المتحدة في توقيت غير مثالي.
واشنطن تسابق الزمن لتأمين “ممرّ ترامب” في القوقاز، وهو أكثر من ممر جغرافي؛ إنه مشروع تطويق استراتيجي لروسيا والصين، وتهديد مباشر لإيران. هذا الممر، الذي يترافق مع محاولات لإحياء تحالف “كاثوليكي-سنّي”، يهدف إلى:
- ربط تركيا بأوروبا عبر معبر زينغزور
- قلب الخارطة المعدنية العالمية لصالح الغرب
- توسيع هامش تركيا في الدول الإسلامية في القوقاز، في خطوة تعتبرها بكين تهديداً مباشراً يفوق حتى أزمة تايوان.
بكلمات أخرى، الصراع لم يعد على جبهات السلاح فقط، بل على ممرات وخرائط وجبهات ناعمة، والمشهد العالمي بات بانتظار “الشرارة”… ولكن من يملك قرار إطلاقها؟
الدكتور محمد هزيمة كاتب سياسي وباحث استراتيجي