كتب الأستاذ ناصر قنديل..نواف سلام وجد الجواب الذي أضاعه متري
الخميس 2025/08/21
– كان السؤال الذي يبحث عنه الكثير من اللبنانيين هو لماذا لم تتم الدعوة للمناقشة العامة التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية في خطاب القسم حول استراتيجية للأمن الوطني ومن ضمنها خطة للدفاع عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وأكد عليها البيان الوزاري للحكومة تحت عنوان الحوار لوضع استراتيجية للدفاع الوطني، رغم مرور ثمانية شهور تفصل بين خطاب القسم وقرار الحكومة بنزع سلاح المقاومة، تحت شعار حصر السلاح بيد الدولة وبسط سيادة الدولة بقواها الذاتية، وستة شهور بين وضع البيان الوزاري للحكومة وموعد قرارها بالموافقة على ورقة المبعوث الرئاسي توماس باراك الخاصة بمسألتي الاحتلال والسلاح، السلاح بجدول زمني لنزعه، والاحتلال دون جدول زمني لإنهائه.
– الجواب صار واضحاً بأن نزع سلاح المقاومة ليس إلا رأس جبل الجليد من فضيحة الحكومة، لأن الحكومة وضعت استراتيجيتها الدفاعية وانتهى الأمر، وبعدما كان كلام وزير الخارجية عن أن لبنان لا يستطيع أن يفعل شيئاً سوى البكاء لدى الأميركيين، يبدو نكتة سمجة، لا يريد اللبنانيون تصديق أنها سياسة دولة تحترم نفسها، حتى جاء كلام نائب رئيس الحكومة طارق متري الذي كشف أن لا جواب لدى الحكومة على سؤال أهم من سؤال السلاح وهو ماذا لو تمّ سحب السلاح ولم تنسحب «إسرائيل» ولم توقف اعتداءاتها، وقال بصراحة ليس لديّ جواب على هذا السؤال، وأنا أتحدّث عن رهان بأن هناك اتفاقاً وأن على «إسرائيل» أن تلتزم بهذا الاتفاق؟ وماذا لو لم تلتزم كعادتها دائماً؟ الجواب هو لا جواب، يعني نسحب السلاح ونريح «إسرائيل» وننتظر كرم أخلاق «إسرائيل» التي تعلن أنها دخلت مرحلة تشكيل خريطة «إسرائيل» الكبرى التي تقتطع من لبنان نصف مساحته، وإن باء انتظارنا بالفشل فأمرنا لله؟
– كان صعباً أن نصدّق أن حكومة مسؤولة عن وطن وشعب يمكن أن تفعل بشعبها ما تفعله الحكومة اللبنانية، والمنطق يقول إن الحكومات التي لا تملك جواباً على الأسئلة تترك لشعبها فعل ما يريد وتنسحب من أمامه بخجل العاجز، أما أن تتولى بعنجهية الأب الظالم نزع السلاح لتمهيد الطريق أمام الاحتلال للبقاء ومواصلة الاعتداء والتوسّع تماماً كما يفعل بسورية التي أعلنت التزامها بكل ما يريده الاحتلال ولم تسلم من اعتداءاته، رغم أنها تملك الأوراق ذاتها التي يأمل لبنان بامتلاكها وهو يرى بأم العين أنّها لا تجدي مع سورية، من دعم عربي وأوروبي ورعاية أميركية.
– قد يظنّ البعض أن أسرار الخطة الدفاعيّة جرى إخفاؤها عن نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية ولذلك تحدّث أحدهما عن البكاء والثاني قال لا جواب، حتى تكلم رئيس الحكومة الذي يترأس السلطة التنفيذية في الدولة اللبنانية ويترأس كل وزرائها، فقال اللبنانيون عند جهينة الخبر اليقين، فماذا قالت جهينة نواف سلام؟ قال رئيس الحكومة في حوار مع جريدة الشرق الأوسط، مسجل بالفيديو، رداً على سؤال المليون الذي عجز نائبه طارق متري عن الجواب عليه، إن حكومته لا تريد الدخول في مغامرة مواجهة، وإنها تعتمد على مناشدة العرب والأوروبيين لمعاونتها في الطلب من أميركا بالضغط على «إسرائيل». وهذا النصف من الجواب هو ما كرره نائبه متري ووزير خارجيته رجّي، لكن ماذا لو لم ينفع ذلك؟ وهو لم ينفع مع سورية الأهم عند كل هؤلاء، يكشف هنا رئيس الحكومة عن السر الخطير للاستراتيجية الدفاعية بالقول إن شيئاً استثنائياً سوف يحدث، وهو بالمناسبة شيء غير مسبوق!
– تقشعرّ الأبدان لهذا القول وتشرئب الأعناق وتشنف الآذان لكشف السر الخطير، فيبيضها رئيس الحكومة، بالنظر في عيون محدّثه المنتظر بشغف ليسمع، ويقول وهو يصدّق نفسه أنه يبيّضها فعلاً، «هل تتخيّل أن تقبل أميركا يوماً بصدور إدانة من مجلس الأمن لـ»إسرائيل»، سوف يحدث ذلك إذا لم تنسحب «إسرائيل» ولم توقف اعتداءاتها». هذه هي الاستراتيجية الدفاعية اذن، ننزع سلاح المقاومة، لا نسلّح الجيش، نبكي لدى أميركا، نتسوّل دعماً أوروبياً وعربياً لدى أميركا، وإذا لم ينجح كل ذلك وهذا مؤكد، فإن الجائزة التي سوف ينالها أهل الجنوب لقاء أرضهم المحتلة وبيوتهم المدمّرة وعائلاتهم المهجّرة بطاقة حضور مباراة بيسبول اسمها إدانة من مجلس الأمن يمكنهم أن ينقعوها ويشربوا زومها ويهتفوا لبعقريّة رئيس حكومتهم، فلا همّ أن تبقى الأرض محتلة والبيوت مدمّرة والعائلات مهجّرة طالما أن معنا إدانة من مجلس الأمن الدولي.
– حكومة تفتقر للحد الأدنى من الشعور بالمسؤوليّة، ومعايير السيادة الوطنيّة، وتفتقد للشعور بحق شعبها عليها ولا تخجل من الفضيحة، تهرب من أيّ محاولة للنقاش حول سؤال كيف نحمي بلدنا، لأنها لا تهتم لحماية البلد ببساطة، وقضيّتها مع سلاح المقاومة أنه يهتم، وهي تنجز مهمتها لتأمين الراحة والاسترخاء للاحتلال عبر السعي لنزع السلاح بمزاعم حق سياديّ، لكن القضية في مكان آخر، ترك لبنان عارياً من سبب للقوة لتفعل «إسرائيل» ما تشاء.
تكملة
– الحكومات التي لا تملك حلولاً مشرّفة تعرضها على شعوبها لقضايا مصيرية بحجم الاحتلال والعدوان تخرس وتترك الشعوب تبتكر حلولاً ولو كانت انتحارية!
– اقرأوا كتاب مذكرات الرئيس أمين الجميل واصمتوا، فلن تنجحوا بتمرير الكذبة مرتين.