الصهيونية : من النشأة الى حرب غزة

عرف الصراع الفلسطيني ـ الاسرائلي  تطورا وتغيراً عميقاً بعد عملية طوفان الاقصى وحرب غزة،  اهم هذا التطور : عودة القضية الفلسطينية للواجهة وسقوط السردية الاسرائيلية، وصمود الشعب الفلسطيني امام التدمير والابادة الصهيونية المدعومة من اوربا وامريكا وصمت  الانضمة العربية، هده الحرب ليست كالحروب السابقة ، فمند السابع من اكتوبر اكد الكيان الصهيوني انها حرب وجودية لهدا تسارعت كل الانظمة الامبريالية والاستعمارية والرجعية لاسناده ومساعدته في كل الميادين خاصة العسكري والسياسي والدعائي، هدا الصراع و هذه الحرب ليست وليدة السابع من اكتوبر كما تحاول الترويج لها الالة الاعلامية الصهيونية ، بل هي نتيجة تطور مستمر للمنضمة الصهيونية مند نشأتها الى يومنا هدا.

قبل كل شيء : 

1ـ إسرائيل هنا تعني الأرض الفلسطينية المحتلة ، التي إحتلها الكيان الصهيوني مع تشريد ونفي سكانها.

2ـ لا يجب الخلط بين اليهودية كدين والصهيونية كحركة سياسية، لأن الصهيونية لا تمتل كل اليهود. 

 الجدور الدينية للصهيونية  :

 بالمعنى الديني صهيون: تشير الى جبل صهيون ( SION )  والقدس او الارض المقدسة،   العودة الى صهيون ويقال ايضا “حب صهيون” هي فكرة دينية مذكورة في الثورات يقصد بها أن المسيح المخلص سيأتي في آخر الايام ليقود شعبه الذي هو شعب الله المختار، الى ارض صهيون التي هي أرض الميعاد أو أرض إسائيل،  ثم يحكم العالم.

 بالمعنى الديني العودة الى ارض الميعاد  هدفها الاول هو التعبد والصلات وإحياء الطقوس الدينية.

و بهذا فإن الصهيونية تدعو الى تهجير اليهود الى فلسطين لأن فلسطين هي أرض الميعاد التي وعد  الله بها إبراهيم ويعقوب وإسحاق ، و توطينهم فيها من اجل بناء دولة قومية لليهود ،

التعريف الحقيقي للصهيونية: 

رغم وجود عدة تعاريف مبسطة للصهيونية يمكن تلخيصها بأن اليهود هم شعب الله المختار وأن فلسطين هي أرض الميعاد ، هذه التعاريف تبقى كلها ضعيفة.

 أما  الصيغة الصهيونية الاساسية الشاملة فهي تتلخص كالتالي :

 1 ) اليهود شعب عضوي منبود وغير نافع ( يعني جماعة وضيفية بلا وضيفة ) يجب نقله خارج أوربا ليتحول الى شعب عضوي نافع.

2 )  ينقل هذا الشعب الى أي مكان خارج أوربا (تم تحديد فلسطين ) ليوطن فيها ويحل محل سكانها الاصليين الذين لابد أن تتم إبادتهم أو طردهم على الأقل.

3 ) يتم توظيف هذا الشعب لصالح العالم الغربي الدي سيقوم بدعمه وضمان بقاءه وإستمراره داخل الدولة الوظيفية في فلسطين.  

هذه الصيغة الشاملة التعريفية لفترة ما بعد وعد بلفور تشكل هيكل المشروع والاساس الكامن للاجماع الصهيوني ، رغم عدم الفصح عنها بشكل مباشر.

نلاحض اليوم ان كثيرا من الاسس التي تستند عليها الصيغة الشاملة، قد إختفى بفعل التطورات التاريخية ، فيهود العالم الغربي قد تناقص عددهم و إندمجوا بشكل تام  في مجتمعاتهم ، كما أن عملية نقل اليهود ونفي العرب قد إكتملت معالمها وخاصة بعد 1967 أصبح من الصعب التخلص من العرب.

وما تبقى من هذه الصيغة الآن: 

دولة وظيفية يدعمها الغرب ويضمن بقاءها وتقوم هي على خدمته وعلى تجنيد يهود العالم وراءها لخدمتها وخدمته .

 النشأة و التطور

ولدت فكرة الحركة الصهيونية مند اواخر القرن التاسع عشر،  ويعتبر تيودور هرتزل ( صحفي نمساوي) هو احد أهم المؤسسين للصهيونية كحركة سياسية، رغم ان جدورها الدينية فهي تعود لعدة قرون، إن إضطهاد وكراهية اليهود في هده الفترة ولاسيما في اوربا و روسيا ساهم في تسريع إنطلاق المشروع الصهيوني، اضافة الى ان عدد كبير من اليهود إقتنعوا بان لا مستقبل لليهود في الشتات، وبدؤوا في التفكير في إنشاء دولة لليهود على ارض فلسطين، 

في سنة 1896  نظم هرتزل المؤتمر اليهودي الدولي لتنظيم الهجرة اليهودية الى فلسطين .و نشر كتابه  “الدولة اليهودية” يدعو فيه إلى إنشاء دولة يهودية كحل لمشكلة اليهود مقترحا فيه فلسطين ، أوغندا . بلإضافة الى الأرجونتين في إقتراح لاحق. 

 و في سنة 1897 نظم  أول مؤتمر صهيوني بسويسرا ادى الى إنشاء  المنظمة الصهيونية العالمية من اجل الهجرة وشراء الاراضي بفلسطين، التي كانت آنداك تحت الحكم العثماني ، ابتداء من هذه الفترة بدأ اليهود في بناء مستوطنات كبداية الطريق لإنشاء دولة. 

ابرطانيا ساعدت الحركة الصهوينية مند بدايتها، ففي سنة 1917  أعلنت تأييدها لاقامة دولة إسرائيل لليهود على أرض فلسطين ببيان رسمي: المسمى وعد بلفور ، ومن هذا التاريخ أعطيت للصهيونية شرعية دولية .

بعد الحرب العالمية الاولى وبعد انهيار الدولة العثمانية اصبحت فلسطين تحت الأنتداب البريطاني عام 1922 ، وبدأت بريطانيا في عملية تسهيل هجرة اليهود الى فلسطين، عرفت هذه الفترة مواجهات كثيرة خاصة سنة 1920، و1929،  1936، 1939 كأولى الانتفاضات ضد الاستيطان الصهيوني والاحتلال البريطاني .

بعد الحرب العالمية الثانية ، وبعد القضاء على النازية، وبعد الهلوكوست عرفت الحركة الصهيونية دعما و “شرعية” من طرف الدول الغربية لتجاوز شعورهم بالذنب.

في عام 1947  نوقشت في الامم المتحدة خطة لتقسيم فلسطين الى دولتين : دولة يهودية ودولة عربية، اما القدس فتبقى منطقة دولية، هدا تم رفضه من الفلسطينيين وكل الدول العربية . في هده الفترة شكل اليهود ٪33 من سكان فلسطين ، ويملكون أقل من  ٪7  من الاراضي .

في 14 مايو 1948 أعلن دفيد بن ڭوريون قيام دولة إسرائيل هذا ما ادى الى إندلاع الحرب بين إسرائيل و الدول العربية . إنتهت هده الحرب بإنهزام الجيوش العربية ( مصر ، سوريا  ، العراق ، الأردن ولبنان )  وبهذا استحودت إسرائيل على جزء كبير من الاراضي التي خصصت للفلسطينيين ، كما إحتلت القدس الغربية ، هذا ادى الى نزوح أكثر من 750 الف فلسطيني من ديارهم بما عرف بالنكبة (نكبة 48) ، وهدمت اكثر من 500 قرية وتم تحويلها الى مستعمرات، ومنع اللاجئين من العودة رغم القرار 194 الصادر من الامم المتحدة الذي ينص على حق العودة

الصهيونية بعد قيام دولة إسرائيل

بعد قيام الدولة ، تحولت الصهيونية من حركة سياسية الى اديولوجية دولة تدعو الى الهجرة والاستطان و الامن . 

الصهيونية مركبة من عدة تياراة من أهمها :

ـ الصهيونية الدينية

ـ الصهيونية الاستطانية

ـ الصهيونية اليسارية (تدعو للسلام مع الفلسطينيين)  

بعد حرب 1967 اصبحت التيارات الدينية و اليمينية هي المهيمنة، وتم إحتلال الضفة الغربية  و قطاع غزة و القدس الشرقية والجولان و سيناء وبناء مئات المستوطنات  

إشكالة الفكرة الصهيونية

ـ الفكرة الصهيونية غير واقعية لأن ما تكون في إسرائيل ما هو الا خليط و جمع غير متجانس و غير مترابط : فرق كبير بين الإشكناز و السفارديم وغيرهم

ـ عدم إقتناع عدد كبير من اليهود بالصهيونية : نظرا لأن الهجرة الى أرض الميعاد (إسرائيل)، لابد أن (تكون هذه العودة) مرتبطة بمعجزة إلاهية : ظهور المسيح المخلص، وليس بقوة السلاح والحروب، كما يطرحه هرتزل وبنڭوريون.

ـ إرتفاع عدد اليهود المعادين للصهيونية.

ـ تزايد الإنتقادات ضد: الإستطان ، التمييز والجدار العنصري ، العنف ضد الفيلسطينيين ، الحصار على غزة. 

ـ إبتعاد يهود العالم عن الصهيونية و تفضيل الإندماج في مجتمعاتهم، او الهجرة إلى أمريكا 

ـ تدهور صورة المستوطن الصهيوني إعلاميا،

ـ إيمان اليهود بالصهيونية عرف تقلص كبير  

ـ رغم إتفاقات أوسلو ما زالت المقاومة الفلسطينية موجودة  

ـ رفض اي فكرة سلام مبني على العدل ، و طرح سلام مبني على القوة و الحرب 

ـ تدهور صورة إسرائيل في العالم و إتهامها بممارسة الإبادة الجماعية  و إرتكاب جرائم حرب في غزة و الضفة

أهم  الأحداث  مند 1948

اكتوبر 1956 : حرب قنات السويس

 28 مايو 1964 :  تأسست منظمة التحرير الفلسطينية (OLP)

 5  يونيو 1967 : النكسة او ما يعرف بهزيمة يونيو أو نكسة حزيران.

في عام 1970 : مجزرة أيلول الأسود وطرد النضام الاردني  لمنظمة التحرير الفلسطينية  بقيادة ياسر عرفات من الاردن الى لبنان.

وفي 6 أكتوبر  1973 : قامت مصر وسوريا بهجوم على إسرائيل، و تم وقف الحرب بدون إسترجاع الجولان وسيناء ،  رغم تلقي إسرائيل  لخسائر كبيرة.

عام 1975 : قرار من الأمم المتحدة يعتبر أن الصهيونية حركة عنصرية، وتراجعت عنه سنة 1991.

في عام 1978 : تم توقيع اتفاقيات “كامب ديفيد”، أدّت إلى استعادة مصر لسيناء، وتوقيع أول اتفاق سلام بين إسرائيل ودولة عربية.

في عام 1982 :  دخلت إسرائيل في حرب مع منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ،  وبعد حصار بيروت ، انسحبت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان الى تونس،  و احتلت إسرائيل الجنوب البناني الى حدود عام 2000 .

 عام 1993 :  منظمة التحرير الفلسطينية تعترف بإسرائيل ، في إتفاقيات أوسلو مقابل إقامة سلطة  فلسطينية في الضفة وغزة.

 عام 1994 :  التطبيع مع الأردن.

عام 1996  : بداية علاقات التطبيع مع قطر.

عام 1999 :  التطبيع مع موريطانيا

عام 1987 و  عام 2000  :  انتفاضة الحجارة   و  انتفاضة الأقصى ،

عام 2005 : تم الإنسحاب من غزة

2008 ، 2012 ، 2014 ، 2021  و2023  : حروب مستمرة على قطاع غزة 

عام 2020 : إتفاقيات (تطبيع) أبراهام مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.

مرجع عام : كتاب تاريخ الفكر الصهيوني للاستاد عبد الوهاب المسيري

عبد الرحمان روان عضو أمانة منتدى سيف القدس

By adam