أ-تقديم وتعريف مفهوم الذكاء الاصطناعي:
بداية، من الأفضل وضع تعريف دقيق للذكاء الاصطناعي حتى نتمكن من تحديد مدى تأثيره سلبا وايجابا في تطور المجتمعات. وفي هذا الاتجاه قد نستطيع ان نعرف الذكاء الاصطناعي كفرع من تقنية تدبير المعلومات يهدف الى تطوير أنظمة قادرة على محاكاة الذكاء البشري. وهو بالتالي فرع من علوم الحاسوب يُعنى بتصميم وتطوير أنظمة وبرامج قادرة على محاكاة القدرات الذهنية البشرية، مثل التفكير المنطقي، التعلم، اتخاذ القرار… وقد أصبح حاليا اداة أساسية في مختلف مجالات العمل مثل الصناعة، الاقتصاد، التعليم، الصحة، وغيرها.
وعليه يمكن تلخيص مفهوم الذكاء الاصطناعي بانه القدرة والكفاءة التي تضخ في الحواسيب والآلات للقيام بمهام تتطلب عادة ذكاء ومنطق تفكير بشري وذلك من خلال برمجة خوارزميات ونماذج رياضية تمكنها من الاستيعاب والتعلم من الخبرات واتخاد قرارات او تنفيذ مهام بشكل مستقل او شبه مستقل. وبالتالي فان الذكاء الاصطناعي ليس كنسخة مطابقة للأصل للذكاء البشري وانما هو محاكاة لبعض جوانبه بالاستعانة بالحوسبة وقواعد البيانات.
انطلاقا من هذا التعريف، يمكن استخلاص مدى شساعة الميادين المغطاة ويمكن ابراز بعضها على سبيل المثال:
ـ التعلم الالي وهو ما يعرف ب”الماشين لورنينغ” تمكين الأنظمة من التعلم من البيانات وهو عادة لا يحتاج لاي برمجة خاصة.
- التعلم العميق “الديب لورنينغ” باستخدام الشبكات العصبية الاصطناعية لتحليل بيانات معقدة كالصوت والصورة.
- معالجة اللغة الطبيعية لفهم وتوليد او استنساخ اللغة البشرية.
- الاستدلال الالي واتخاد القرار وذلك باستخدام القواعد والمنطق لحل المشكلات واقتراح حلول.
وبإيجاز يمكن تقسيم الذكاء الاصطناعي الى قسمين رئيسيين: - الذكاء الاصطناعي الضعيف وهو مخصص لأداء مهمة محددة كالترجمة، التعرف على الوجوه، ألخ…
- الذكاء الاصطناعي القوي وهو نظام يمتلك ذكاء عاما يماثل الذكاء البشري ويستطيع القيام باي مهمة فكرية.
ولمحاولة تبسيط منهجية الذكاء الاصطناعي وتقريبها من القارئ من الاجدى، ولو بشكل جد مختصر، شرح كيفية تطبيق هذه التقنيات مع تسليط الضوء على الوسائل والأدوات المستخدمة.
ب-المنهجية والخطوات العملية لتطبيق الذكاء الاصطناعي:
1-تحديد المشكلة او الهدف (مثلا التنبؤ، التصنيف، التجميع، الكشف او التوصية …)
2-جمع البيانات: يتم جمع كميات كبيرة من البيانات ذات الصلة (احصائيات، نصوص، خرائط، صور …) من مصادر مختلفة: قواعد البيانات المتوفرة، معطيات الانترنت المتاحة للعموم، السجلات الطبية، وسائل التواصل، ..
3-معالجة وتحضير البيانات (إزالة البيانات المكررة وتحيين الناقصة منها، تحويل البيانات الى صيغ قابلة للتحليل كتحويل النصوص الى ارقام …)
4-مراجعة التجارب السابقة واخر المستجدات (استحضار وتحليل الاعمال الحالية حول نفس الموضوع)
5-تحديد نموذج الذكاء الاصطناعي المناسب للهدف المنشود (التعلم المُراقَب: الانحدار اللوجستي، الشبكات العصبية التعلم الغير مراقب: المرمزات التلقائية – التعلم العميق باستخدام الشبكات العصبية الاصطناعية)
6-تدريب النموذج بتغذيته بالبيانات لتعلم الانماط وذلك باستخدام خوارزميات كشجرة القرار، الات الدعم المتجه، الشبكات العصبية وخوارزميات التعلم العميق)
7-تقييم النموذج باستخدام مقاييس مثل الدقة والتذكر او الاسترجاع
8-نشر النموذج بدمجه في تطبيق جوال او موقع ويب او نظام داخلي لشركة…
9-الصيانة والتحديث وذلك بمراقبة الأداء عند الاستخدام وتحديث النموذج دوريا ببيانات جديدة.
ج-الوسائل والأدوات المستعملة في تطبيق الذكاء الاصطناعي:
- لغات البرمجة: “بايتون” (Pandas, NumPy, Scikit-learn) Python وهو الأكثر شيوعا ويمكن أيضا استعمال جافا Java او آر R…
Jypiter Notebook – منصات تحليل البيانات : “جوبيتيرنوتبوك”
، “كوكل كولاب” Google Colab
“كاغل” Kaggle - قواعد البيانات: “سكل (SQL). وهي لغة الاستعلام الهيكلي أي لغة حاسوبية تستخدم لإدارة قواعد البيانات العلائقية ومعالجتها.
- أدوات التخزين والحوسبة السحابية:
امازون ويب سيرفيس، Amazon Web Services (AWS)
كوكل كلاود،Google Cloud
ميكروسوفت ازير… Microsoft Azure
وهذا يفسر سر كل الانتقادات والمواجهات التي برزت مؤخرا ضد هذه الشركات العملاقة.
هذه المقدمة كانت ضرورية لإبراز اهم المفاهيم والاسس لهذا التطبيق قبل البدا بتقديم نماذج من استعمالات الذكاء الاصطناعي في مجالات مختلفة كالاقتصاد والاعلام والتعليم وكذا في مجال النزاعات، بل حتى الحروب كالتي يشنها العدو الصهيوني بمساندة الولايات المتحدة ودول حلف الناتو على دول وحركات محور المقاومة والتي أضحت حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة استعمل فيها بشكل لافت تقنيات الذكاء الاصطناعي بمساندة فعلية ووازنة لكبريات شركات الهايتك كميكروسوفت، كوكل، ميتا وامازون. وهذا ما سنعرضه في سلسلة المقالات اللاحقة حتى نسلط الضوء على هذه الاستعمالات والتي قد تصبح اجرامية بحيث تساهم في التقتيل الجماعي للمدنيين بغية تهجيرهم بشكل تام.
هذا ما يستوجب التجنيد والدفع نحو تشريع قوانين دولية تُقيّد عمل الذكاء الاصطناعي وتضمن خدمته للمجتمع بأسره، لا فقط لمصالح الدول الكبرى والشركات الرأسمالية. وقد أصبحنا نلاحظ تحركات مهمة في هذا الاتجاه من طرف نشطاء من مختلف الدول كان بعضهم يشغل مناصب مهمة في هذه الشركات قبل تقديم استقالاتهم ووازعهم المساهمة في بناء مجتمع جديد أكثر عدالة وإنسانية، قائم على المساواة، والتعاون، والإشباع العادل للحاجات.
صادق روان – عضو أمانة منتدى سيف القدس