عنوان جميل وهدف نبيل يصلح لكل مكان وزمان ما عدا لفلسطين وأهلها وللشعوب المستضعفة بشكل عام ولا يعدو كونه قنبلة دخانية تهدف للتغطية على تقاعس حكومات العالم ، المؤثرة منها خاصة، في التصدي للفظائع التي يرتكبها الكيان الغاضب على أرض فلسطين ولكي تظهر هذه الحكومات بمظهر من تلبي تطلعات جماهيرها ، ليس حباً بفلسطين بل تفادياً لخسارة الانتخابات اللاحقة.هذا الإعتراف بالدولة الفلسطينية لا يفيد أحداً سوى فائدة معنوية لشبه رئيس متخاذل قابع في رام الله بإنتظار أن تمن عليه السماء بدولة كاملة مع شعب يقيم له وزناً ويسبح بحمده بكرة وأصيلاً وصحيفة يومية تواظب على وضع صورته على الصفحة الأولى يومياً وسفارات يحكمها أزلامه وبرلمان يسكنه زملائه المتقاعدين من الحياة ، بالإضافة إلى مدافع صوتية يمكن إستخدامها في جنازته القريبة تكريماً لعزرائيل وليس تكريماً له عندما تختم ذكراه بشاهد قبر منقوش عليه: “من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام”

بالعودة إلى أرض الواقع؛

ألا يفترض أن يكون هناك دولة أولاً حتى يمكن للدول الأخرى الإعتراف بها؟ أين هي الدولة الفلسطينية المشار إليها ؟ أليس من المفترض أن يكون لتلك الدولة حدوداً معروفة ؟ هل من يعرف حدودها وأبعادها وطولها وعرضها ؟ أهي المناطق أ أم المناطق ب أم المناطق ج من أراضي الكينونة / السلطة ؟ أم هي المستعمرات المتناثرة شرقاً وغرباً في أنحاء الضفة الغربية وفلسطين؟ لا سيما وأن حدود دولة الكيان غير محددة أيضاً وما تطلبه السلطة من دولة على أراضي الضفة وغزة ما قبل الخامس من يونيو 1967 هو طلب سائب لأن تلك الحدود تعتبر حدود أمر واقع حصل ما بين عامي 1948 – 1967 وغير معترف بها دولياً لأن من إعترف بضم الضفة الغربية للأردن كانت دولتين فقط وهما بريطانيا التي صنعت تلك الحدود وأوكلت حمايتها للأردن إلى أن يستعد الكيان الغاصب للإستيلاء عليها ، والثانية هي باكستان التي كانت تدور في فلك بريطانيا في حينه.

لم تكتف هذه السلطة بعجزها عن منع العدو من دخول أراضيها وتدمير الأبنية وتجريف الشوارع والبنى التحية التي بناها الفلسطسنيون بعرقهم ودمهم ، بل ساهمت وشاركت المغتصب بالملاحقة والقتل ولم تحرك ساكناً أمام فظائع العدو في غزة ، وهي غير قادرة على تأمين رواتب موظفيها بمعزل عن إسهام العدو بالتمويل بصورة أو بأخرى ، وغير قادرة على الإعتراض على المجازر التي يرتكبها العدو على نفس الأرض التي تنادي السلطة بأنها دولتها ولا حتى بالكلام والتصريحات الحوفاء كما يفعل الآخرون ، وتتنازل عن حقها في الشكوى للجنايات الدولية بصفتها عضواً فيها ويتنازل رئيسها عن نفس الحق لأنه أعطى كلمته المقدسة بعدم اللجوء إلى تلك الهيئة ؛ أعطى كلمة للعدو؟ بأي صفة ؟ من فوضه بذلك؟

فعلياً لا يوجد شعب يحتاج هكذا دولة ولا يحتاج الشعب الفلسطيني تحديداً تلك الدولة ولكن عندما تتجلى قدرات تلك السلطة في الإعتقالات والإغتيالات والترويع فالجميع يحتاجها (عدا شعبها) بداية من العدو الغاصب الذي لن يجد أنذل منها لقمع الشعب الفلسطيني ومروراً بالدول الكبرى التي إخترعت “إسرائيل” والدول ذات المصالح التي لا ترغب في وجود أنشطة مزعزعة للإستقرار في المنطقة ، والدول القريبة جغرافيا البعيدة قلبياً التي لا تريد أن يمتد أي نشاط وطني إليها ، وإنتهاء بالبرجوازية الفلسطينية التي لا ترى من الحياة سوى بريق الذهب وملمس البنكنوت.منطقياً لا حاجة لإعتراف أي دولة غربية أو شرقية ، إستعمارية أم مسالمة، بالدولة الفلسطينية لأن الموقف الرسمي العالمي تجاه تلك الدولة لا يغطيه سوى قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة رقم 181 الذي رسم حدود الدولتين وبالتالي تعتبر كل دولة صوتت على قرار التقسيم بالموافقة تعتبر معترفة بالدولة الفلسطينية ولا حاجة لطلب إعترافها مجدداً وعدد هذه الدول 33 ، من أصل 54 دولة عضو في حينه ، منها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والسويد والدنمارك بينما إمتنعت المملكة المتحدة عن التصويت لتظهر بمظهر المحايد الذي يدير شؤون البلاد كسلطة إنتداب معترف بها دولياً (حتى وإن كانت هي من نصبت نفسها) إلى أن يحين الوقت المناسب لبلع بقية فلسطين ، وحيث أن حدود التقسيم كانت واضحة فنستنتج أن هيئة المساحة الملكية كانت من رسم حدود التقسيم لوجودها المباشر في المنطقة .

تاريخياً ، من الضروري إلقاء الضوء على العدد المحدود من محاولات رسم حدود فلسطين ، وهي:

1. إتفاقية سايكس – بيكو 06/01/1916 الذي وضعت الأسس لتقاسم أراضي الدولة العثمانية ونتج عنها خارطة مبدئية لم يتم تطبيقها ولكنها بقيت محور فكرة التقسيم.

2. مؤتمر سان ريمو 26/04/1920 ونتج عنه وضع الحدود الدولية التي يتم التعامل معها اليوم.

3. قرار التقسيم 29/11/1947 الذي حدد حدود دولة “إسرلئيل” ودولة فلسطين ووافقت عليه 33 دولة لم تكن المملكة المتحدة من ضمنها وعارضه 11 دولة.

4. إعلان ميلاد “حكومة عموم فلسطين” من غزة في 22/09/1948 بقيادة المفتي أمين الحسيني بدون تحديد حدودها ، وإعترفت بها جامعة الدول العربية عدا الأردن .

5. مؤتمر أريحا في ديسمبر 1948 الذي نتج عنه ضم الضفة الغربية للضفة الشرقية تحت المظلة الهاشمية وقطع الطريق غلى قيام حكومة عموم فلسطين.

6. قرار الأردن 31/07/1988 بخطاب الملك حسين الموجه للمواطنين وإعلانه فك الإرتباط مع الضفة الغربية

7. إعلان الجزائر 15/11/1988 على لسان ياسر عرفات قيام دولة فلسطينية غير معلومة الحدود أيضاَ .

8. إتفاقية أوسلو 13/09/1993 وإعلان ميلاد السلطة الفلسطينية ويتم تحديد حدودها النهائية لاحقاً بالمفاوضات، أي ميلاد شبه سلطة على شبه أرض وشبه دستور يقودها شبه رئيس ويسودها شبه أمن للمواطن والكثير الكثير من التنسيق الأمني مع العدو وطمس حرية الكلمة.

9. إتفاقية طابا 28/09/1995 التي قسمت الضفة الغربية إلى مناطق؛ منطقة “أ” تخضع أمنيا وإداريا بالكامل للسلطة الفلسطينية ، منطقة “ب” تخضع إداريا للسلطة الفلسطينية وأمنيا لإسرائيل ، منطقة “ج” تخضع أمنيا وإداريا بالكامل للسيطرة الإسرائيلية فقط.

نستنتج أنه لم يكن هناك رغبة أو نية من أي طرف كان محلياً أو إقليمياً أو دولياً لإقامة دولة فلسطينية ، وأن محرك الشر العالمي الذي يتمثل في المملكة المتحدة ، وإنضمت لها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ، كان دائماً يدور الزوايا ويكذب ويخدع لمنع قيام دولة فلسطينية إلا إذا كانت تابعة وخادمة للكيان الغاصب وبناء عليه لا يمكن لهذه الدول ومن يدور في فلكها من منظومة حكومة العالم أن تساهم بوجود دولة فلسطينية متكاملة إلا إذا كان إعتراف كهذا لا يعدو أن يكون تمثيلية تافهة جميع الممثلين فيها من الكومبارس أو يستحيل تطبيقه على أرض الواقع عندما يبدأ البحث في التفاصيل، فهل سيحري إجبار إسرائيل على التلبية بقرار أممي تحت الفصل السابع مثلاً؟

نخلص إلى نتيجة واحدة وهي أن هذه الإعترافات لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به (إن كانت قد كتبت فعلاً وتجاوزت التصريحات الكلامية) وأنه لا يوجد أمل لكل من يحب وطنه وشعبه وأمته وعرضه وقيمه سوى الفعل المقاوم بكافة الوسائل المتاحة التي يمكن الوصول إليها ، وأن درب الشهادة لا زال طويلاً تخضبه الدماء الزكية الطاهرة ، وأقول لكافة هذه الدول المتشدقة ؛ مشكورين على المجاملة ولكن خذوا إعترافكم لنقعه وشرب ماءه وبإختصار “حلوا عنا” وإن أردتم عمل الخير فأوقفوا دعم المحتل ونحن نتكفل بما تبقى.

زياد زكريا _الأردن_ عضو أمانة منتدى سيف القدس