‏يدق الليل بابه

الواحدةبعد منتصف العاصفة

كان ينأى بنفسه عن الريح وفي ظلال خيمته التي أسماها قصراً سقط صاروخ كبركان من أرضٍ ثائرة على تمرد إنسان لم يفهمها ، كان دون اسم إن شئتم سموني إنساناً ، لاجئاً ، تراب الأرض ، طير ، الشيء واللاشيء لكن دعوني أنفض غبار خيبة ونكبة من عيون الشاهدين و ألمم أشلاء نفسي من الشظايا المتناثرة في جسدي المقطع كعرب تقطعت أوصالهم في صحراء وما زالو رغم البداهة وعلم النجوم فيهم يضلون البوصلة ، شاهد عظامه… هنا كانت يدي وهنا كانت قدمي وهنا كان قلبي وهنا رأسي … أين أيني الآن ؟

ها أنا مزروع هُنا في تربتي المالحة لعلي أنبت مرة أخرى من تراب أرضٍ احتوت أجساد العظماء في جوفها … ولربما من جذور شجرة الزيتون يأتي إنسان ، ومن مرارة الجوف يصرخ الفم مناديا الماء لعلها تستجيب وتتحد في الطبيعة كي ترويه ويخرج إنسان

تتصاعد أنفساه وفي شهقته الأخيرة يتساءل ماذا يعرف أولئك الكتاب المجتمعين في صالون ثقافي عن الخيمة ؟

ماذا يعرفون عن أنواع الطائرات وسرعة الصواريخ ؟

وابتدأ  يضحك من فرط صوتهم الضبابي وأوراقهم المتناثرة أمامهم وعلب السجائر وكأس ماء ، وقبل أن تحلق روحه هبت لتقول ” إننا للوطن وإننا إليه راجعون ، وإننا من الثورة وإليها منتصرون” وحين حلقت روحه مع طائر الفنيق لتعود يدا وبندقية تقاتل من دمها للرمق الأخير ، لم يكن أمامه طرقٌ فأين الطريق؟

فاستنسخ من ذاكرته المحفورة بأحاديث أجداده طريق

تقوده الطريق إلى حيث وطن أسير.

ينتظر الرفيق وبالمنجل والفأس يتحد الهلال والصليب فتكون صورة الحكيم رفيقاً وطبيباً ، عادت روحه فوجدت أشلاءه تنمو في تلك التربة،  وكيف لا تنبت وهو ابنها ولكن بقي دون اسمٍ سماهُ البعض وطناً والبعض أسير وآخرون جريحاً ، شهيد ، لكن صوته بقي ينادي

أيها العالم ،،،أيها العالم

لا صدى لصوته ،وقلبه الآن مصابٍ بمرض في الصمامات ولا يصل الدم إلى جسده المنهك

يعيد النداء أيها العالم ، لا اسم لي

لأنني الأسماء كلها لأنني لم أسلم جسدي كي لا يلتهمكم الصمغ والنمل من بعدي

أيها العالم أنا كل الأصوات فاسمعوا النداء

أيها العالم انثروا غبار العجز عنكم

والتقطوا قدمي ويدي وعيناي واجمعوا أشلائي وبهم قاتلوا العاصفة

محمد البربراوي 🇵🇸 فلسطين