سقطت دمشق قبل ١٢٠ يومًا تقريبًا ، و انتهى النظام السابق ، و شهدنا قبل أيام احتفالات هنا و هناك و على قناة الجزيرة “بذكرى الثورة السورية”، و منذ الثامن من ديسمبر و نحن نرى تكبيرات و تهليلات البعض و الفرحة العارمة التي تملأ تطبيقَي “التيكتوك” و “الفيسبوك” .


هذا يقود معظم رواد التطبيقين وروّاد الجزيرة للاعتقاد و الشعور أن هناك نصرًا قد تحقق ، حيث بكل بساطة حسب اعتقادهم انتهى حكم بشار الأسد و حكمت دمشق “قيادةُ الثورة” أي “هيئة تحرير الشام” ، و تهافتت دول الغرب “الحريصة على خيار الشعب السوري”! للقاءِ ب”الرئيس الجديد ” .


ولكن هل هيئة تحرير الشام هي قيادة “الثورة”؟ ، ألم ترتكب هيئة تحرير الشام و النصرة و داعش الجرائم بحق الثوار؟ ، هل وصول الجولاني– الذي انتقل من داعش إلى النصرة إلى هيئة تحرير الشام إلى رئيس أهم بلد عربي- إلى الحكم هو تتويج لهذه “الثورة” التي كانت دائما تختار لنفسها الشعارات الوطنية !!


هل هكذا كان يخطط الذين أشعلوا نار الثورة،  وهل كان هدفهم السامي أن تصل انبثاقات داعش و النصرة و غيرها إلى الحكم و لأجل هذا الهدف استماتوا ؟!


مما تقدم من تساؤلات ، نرى أنه نتيجة غسل العقول الذي تم خلال الفترة السابقة تم حصر أهداف الثورة بالقضاء على النظام السابق ، و تم مسح الذاكرة من “الأهداف و الشعارات التي أطلقتها الثورة” كالحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و المساواة، فكلها شعارات لم تطبق لا بالعكس حيث لا نرى في سورية غير القتل للأقليات من شيوخ و نساء و أطفال ، آلاف الجثث في الساحل على الطرقات ، تحت مسمى “فلول النظام” ، تم قتل أطفال رُضَّع ولدوا بعد الثامن من ديسمبر ، تحت شعار فلول نظام ، و هناك هضم و اضطهاد لحقوق الطوائف و الديانات بالوظائف العامة و الكثير من الأمور و نرى أن الدستور الجديد وُضع ليخدم فئة معينة ، و سجن صيدنايا الذي تم إفراغه من المعتقلين الذين كلهم حسب وصف الجزيرة “مظلومون و أبرياء و لا يوجد فيهم مجرمٌ واحد” ، تم اعتقال أضعاف ما كان بداخله بعد “انتصار الثورة” ..


و ماذا عن موقع قضية فلسطين في دمشق بعد هذا التحول؟، حيث كان ينتقد “الثوار” تعاطي النظام السوري السابق معها، أين ذهب اندفاع “الثوار السوريين” لنصرة القضية الفلسطينية ؟ نرى أن الصهيوني لم يطلق عليه طلقة واحدة من قبل “الثوار” المتعطشين لسفك الدماء بالساحل ،و من ينفذ العمليات الفدائية ضد العدو الصهيوني، هي مقاومة وطنية شعبية سورية تعتبر “الثورة السورية مؤامرة”و ملاحقة من قبل “الحكومة الجديدة”، و ماذا عن تقسيم سورية ؟ حيث نرى أن تقسيم سورية مكرس خارجيا و داخليا ، و “الدستور السوري الجديد “هو أكبر خطوة نحو تحقيق ذلك ، للأسف.


و عليه إذا كان هدف “الثورة” إرجاع سورية مائة عام إلى الوراء و التآمر على حركات المقاومة في المنطقة و خاصة في لبنان و فلسطين فهي انتصرت..، و إذا كان هدفه “الثورة” أن تتجول الصحافة الصهيونية في دمشق و تجري مقابلات فهي انتصرت ، إذا كان هدفها أن يتوغل الصهيوني و يحتل أجزاء من سورية و لا تعتبره قيادة هذه “الثورة” عدوا فهي انتصرت ، و إذا أيضا كان هدف الثورة أن يشعر “نتنياهو” بنشوة غير مسبوقة أتته بعد الثامن من ديسمبر فهي حقا انتصر !


أبو الأمير-القدس