يشهد العدو قبل الصديق على بأس مقاتلي كتائب القسام ، الذين أبهروا العالم بقوتهم القتالية و شجاعتهم و تنظيمهم رغم تفاوت القوة العسكرية من ناحية المعدات و عدد الجنود ، حيث أن الاحتلال حشد لهذه المعركة قرابة الستمئة و خمسين ألف مقاتل ، و هذا غير المرتزقة و غير وحدات “الجيش الأمريكي” المستدعاة ، و يبلغ عدد مقاتلي القسام في أعلى الإحصائيات و التقديرات أربعين ألف بطلٍ يعيشون في قطاع محاصر منذ خمسة عشر عام ، علاوةً على ذلك ، فالاحتلال يستخدم أقوى الأسلحة و أكثرها فتكاً و تطوراً في العالم ، يمده بها و بكل وقاحة شريكه في حرب الإبادة الشيطان الأكبر ” أميركا ” .
و تواصل كتائب الشهيد عز الدين القسام لليوم 308 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور من قطاع غزة ، رفقة باقي فصائل المقاومة التي لم تتوانَ منذ لحظة إعلان معركة طوفان الأقصى عن تلبية النداء .
و إن كتائب القسام و باقي فصائل المقاومة يجمع بينها انسجام و تنسيق عسكري عالي المستوى ، فلكل جهةٍ دورها و مهمتها .
و كما قال الشاعر ( وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي وَ لَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غلابا ) فلا يوجد شيء ينجح إلا بالعمل و العلم و المثابرة و التضحية ، و إن كل شيء نراه اليوم يوضح جلياً أن فصائل المقاومة الفسطينية و خاصة القسام أعدت العدة لهذه المعركة جيداً ، و أخذت بالأسباب .
و يبرز هذا بالأخص على الصعيد العسكري فتجدهم قد ابتكروا أساليب قتالية متطورة و حديثة أكثر فاعلية و حداثة من ذي قبل ، و كأنهم جمعوا بين علوم “روبرت تابر” في كتاب “حرب المستضعفين” و تجربة الرفيق “تشي جيفارا” في حرب العصابات و تجربة الحرب الفيتنامية بالأنفاق، بالإضافة إلى الخبرات التي اكتسبوها من رفاق الدم و السلاح في محور المقاومة، و أخرجوا لنا نموذجاً جديداً مقاتلاً يسرُّ الصديق و يؤلم العدو و زمرته .
و بالرجوع إلى كتائب القسام نجد أن عملياتهم أسفرت عن مقتل المئات من ضباط وجنود العدو وإصابة عشرات الآلاف، بالإضافة إلى تدمير مئات الآليات كلياً أو جزئياً.
حيث نشاهد يومياً الاشتباكات الضارية التي يخوضونها مع قوات العدو بالعبوات الناسفة والقذائف المضادة للدروع والأفراد، و نشاهد دكهم لتحشدات العدو بالصواريخ وقذائف الهاون ، رغم هَول المشاهد الناتجة عن قصف العدو الجبان منذ 308 يوم على أهلنا في غزة ، لكن ذلك كله لا يزيد المقاتلين إلا قوةً و ضراوةً .
و رغم مرور أكثر من ثلاثمئة يومٍ ، شاهدنا عملية كتائب القسام عندما استهدفوا “عسقلان” بصلية صاروخية قبل أيام ، فحتى الصواريخ الذي يعتبر الاحتلال كبحها و إيقاف إطلاقها أحد أهدافه العسكرية الرئيسية لم و لن تتوقف .
و أكبر برهان على قوة كتائب القسام كان يوم معركة طوفان الأقصى التي بدأت فجر السبت في السابع من أكتوبر عام 2023 بسلسلة من عمليات اقتحام المجاهدين للمغتصبات والمواقع العسكرية في غلاف غزة براً وبحراً وجواً، وقتل وأسر مئات الجنود والمغتصبين الصهاينة المدججين بالسلاح .
و بعد ذلك الحدث العظيم صرح العدو أنه سيقضي على حماس خلال شهر أو اسابيع ، و سمعنا و شاهدنا مئات التصريحات منذ بداية طوفان الأقصى ، و التي كان بعضها يقول سنمحي حماس عن الوجود ، ثم بدأت وتيرة تلك التصريحات بالانحدار شيئاً فشيئاً ، حتى اقتنع العدو المتعجرف أنه لن يستطيع القضاء على حماس أو إضعافها حتى ،فقوتها لم تتأثر ، كما تم توضيحه أعلاه.
و تجلى هذا الاقتناع بالهزيمة من خلال تصريحاته الأخيرة التي كان أبرزها :
●إسحاق بريك – معاريف:
(قدرات حماس ستظل موجودة، أي أن الحركة ستبقى تشكل تهديداً حقيقياً ل”إسرائيل”، لأن “الجيش”لم ينجح في القضاء عليها)
(و بخلاف ما يقوله لنا قادة “الجيش”، فإن حماس لديها معابر مفتوحة في الأنفاق من سيناء إلى قطاع غزة، تحت محور فيلادلفيا، وكذلك في محور نتساريم)
●بيني موريس – هآرتس التابعة للعدو: (“إسرائيل” اليوم ضعيفة، منذ 9 أشهر، وبجيش مؤلف من نصف مليون جندي، لم تنجح “إسرائيل” في القضاء على تنظيم حماس المؤلف من 30 ألف مقاتل مزودٍ ببنادق وقذائف RBG، وضمن منطقة جغرافية صغيرة).
●قائد اللواء 12 “الإسرائيلي”: (القتال في رفح يدور بشكل بطيء ومقاتلو حماس قاموا بدراستنا ).
●قائد اللواء 12 “الإسرائيلي”: (مهمة القضاء على حماس ليست سهلة والأمر يتطلب وقتاً وضغطاً عسكرياً كبيراً)
●قائد اللواء 12 “الإسرائيلي”: (تفكيك حماس في رفح لا يمكن تحقيقه قبل سنتين إضافيتين على الأقل )
●هاغاري المتحدث باسم جيش الاحتلال : (حماس فكرة لا يمكن القضاء عليها )
و عليه فإنَّ الاحتلال الإرهابي منذ بداية العدوان لم يحقق أي هدف من أهدافه غير استمرار إجرامه في قتل المزيد من المدنيين من أطفال و نساء و شيوخ ،لا بل هم أيضاً لم و لن يستطيعوا القضاء على أي فصيل مقاومة فلسطيني ، و كل الفصائل لا تزال تذلُّ العدو يومياً ، لا بل لم و لن يستطيعوا القضاء على المقاومة في الضفة الغربية رغم أن العدو لجأ لاستخدام سلاح الجو فيها مؤخراً ، و ذلك بعد عجزه العسكري بسبب شجاعة و بأس ثوار الضفة الغربية .
و لا ننسى أيضا أن كتائب القسام و المقاومة الفلسطينية ليسوا وحدهم ، و يقف خلفهم محورٌ لم ولن يتخلى يوماً عنهم ، محور لا يقلُّ مقاتلوه بطولة و شجاعة عن كتائب القسام ، و كل الأبطال في محور المقاومة متفقين على نفس الفكر الثوري المقاوم . حماكم الله يا أعظم ما أنجبت الدنيا من رجال ، و إننا حتماً لمنتصرون .
محمد الدّجاني – القدس