يستمرُ العدو الإسرائيليّ طوال- عام وأَشهر- ممارسةَ الإبادةَ الجماعيّة بغزَّة، في وقتِ تمُاسكِ المقاومين الفلسطينيين رَابِطين الجَأْش ومسطِّرين معنى الصمود والاستبسال في وَجههِ . وبعدَ إبرامِ الاِتفاق التفاوضيّ بين كيان العدو وحزب الله اللبناني ووقوفُ «مشروع الشرق الأوسط الجديد» عندَ لبنان بفضلِ معادلةِ إيلام العدو والصبر والصمود … لكن بعد وقتٍ قصيرٍ سقطَ النظام السوريّ نتيجةَ صعود الطرفُ المضادُ له المشهد السياسي السوري؛ ففضّ الإسرائيليُّ قرار الاشتباك مع سورية؛ فصُنِعَ نتيجة هذه التبِعات واقعًا مُتغيّرًا على مستوى المحيطِ والمنطقةِ؛ فتبدلَّت معادلات واُرتسِمت مؤامرات وصار الواقع براغماتيًا.
فترابطت الأحداث وتتابعت المآلات مِن آنذاك، بينما يداومَ أمامهُ الجبهة اليمنيّة واِتجاهُ الأنظار إليها، بِتقلُّبِ خطواتها وسمو دورها، مِن إذ بادرت في 19 يوليو، باستهدافِ مايُسمَّى إسرائيليًا “تل أبيب”، مُعلنةً «الجولة الخامسة» من تصعيدها العسكري ضد العدو، وكان جوهرُ الحدث يكمن عسكريًا، هو مِمّا أعقبه من تداعيات متعددة؛ومع مرور وقتٍ بمرور الاستفراد ،جاء دور التصعيد الإسرائيليّ ضد اليمن ليتصدَّر الروايّة الإسرائيلية، لتدشين حربٍ مفتوحةٍ على اليمن. بمعنى انتقال «الجبهة اليمنيّة» من دافعِ الإسناد إلى دافعِ الدفاع.
فالمُرجّح والمتوقّع حسب عدم قدرة العدو بممارسةِ الحرب على اليمن مثل لبنان تمامًا لأسبابٍ جيوسياسيّة وأمنيّة واستخباراتيّة، ثمّة شيءٌ سيصنعهُ هو صنع الإزداوجيّة بالحرب مشابهٌ للبنان وسورية. واليوم هذا هو الشيءُ الذي يسعى له العدو ضد القيادة والقوّة اليمنية من خلال الجانب الاستخباري والمعلوماتي والأمني إلى تهيّئةِ الظروفِ الخصبة لتشغيل أدوات الإرتزاق في الجانب الآخر من اليمن، وبهذا ساعيًا إلى اصتناع هذه الازدواجيّة بالأهداف وأبرز الأفعال، مكرّرًا سيناريو لبنان وسوريّة لكن بتعقيدٍ مزدوج.
الكاتب | محمود وجيه الدين- اليمن