– ليست صدفة هجمات ألوية أبي محمد الجولاني على حلب بمجرد ان دخل لواء جولاني الى العناية الفائقة بعد فشله في الحرب على جنوب لبنان، لأن الحرب على المقاومة في لبنان استحقاق مؤجل منذ هزيمة جيش الاحتلال في حرب تموز 2006، والحرب خطة دائمة عند كيان الاحتلال تنتظر التوقيت المناسب، وهذا ما كشفته الحرب التي انطلقت في المنطقة بعد طوفان الأقصى، وكل ما أظهره الاحتلال بوجه المقاومة ما كان يمكن تصنيعه غب الطلب، فهي خطط مجهزة أميركياً وإسرائيلياً بانتظار توقيت التنفيذ، كذلك كانت الحرب على سورية إسرائيلية بامتياز مهما تغيرت عناوين شركائها، من واشنطن الى أنقرة الى الجماعات الإرهابية وبعض العواصم العربية التي شاركت بالمال والإعلام والفتاوى. وهي حرب في اتجاه الحرب ذاته على المقاومة وظيفتها تدمير عناصر القوة في المنطقة لاستكمال شروط الهيمنة الإسرائيلية، «إسرائيل» الكبرى عبر الاحتلال و»إسرائيل» العظمى عبر النفوذ، ويفترض بإحدى الحربين أن تغني عن الثانية اذا نجحت، و»إسرائيل» لم تخف ان هجماتها على سورية تستهدف سورية، لكنها تستهدف أيضا حزب الله، ولو نجحت الحرب على سورية بتحقيق الأهداف لما كانت الحرب على المقاومة في لبنان، ولو نجحت الآن الحرب على لبنان لما كانت الحرب على سورية بعدها مباشرة.
– جبهة النصرة التي أعلنت في بيان رسمي أنها هي ذاتها غيرت اسمها الى حركة تحرير الشام، وأنها الفرع السوري لتنظيم القاعدة، وأنها تبايع زعيم القاعدة أيمن الظواهري، وهي ذاتها التي قال عنها وزير الحرب الأسبق في كيان الاحتلال موشي يعالون منذ عام 2014 أنها حليف لكيان الاحتلال لأنها مؤتمنة على الحدود الشرقية، كما قال، وهي ذاتها جبهة النصرة التي تدعو تركيا إلى إدماجها بالعملية السياسية طالما غيرت اسمها وصارت حركة تحرير الشام، لأن النصرة هي المصنفة على لوائح الإرهاب. والنصرة باسمها الجديد هي من قام بشن الهجوم الكبير أمس على مواقع الجيش السوري، بتغطية نيران طائرات مسيرة تركية، وهي ذاتها جبهة النصرة التي قام الأميركيون بحث المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا على تقديم مشروع للحل السياسي يمنحها الإدارة الذاتية في مناطق سيطرتها، وعندما تلتقي تركيا التي لم تقطع علاقاتها مع كيان الاحتلال تضامنا مع غزة، كما فعلت دول أميركا اللاتينية، مع أميركا التي تدير حلف الناتو، وتركيا عضو فاعل فيه، مع كيان الاحتلال، على تقاطع اسمه جبهة النصرة فذلك ليس صدفة ايضا.
– ليس الصراع في سورية ومعها وعليها صراعا على السلطة، ولا شأنا داخليا ولا حربا أهلية، والحياد في هذا الصراع هو انحياز للجانب الذي يريد تسويق هذه السردية لتبرير انحيازه ضد سورية في الحرب، أي الجانب الأميركي التركي الإسرائيلي، ولذلك لم تتردد قوى المقاومة وإيران وروسيا في الانحياز الى جانب سورية، ولذلك تبدو معركة حلب الثانية التي بدأت للتو محاولة لتغيير نتائج معركة حلب الأولى، أملا بأن يكون الجيش السوري وحلفاؤه قد أنهكوا أو تفككوا، فتعوض ألوية الجولاني ما فشل في تحقيقه لواء جولاني الأصلي في جنوب لبنان، لكنهم كما فوجئوا بالمقاومة في جنوب لبنان بعد كل ما لحق بها من ضربات قاسية تسدد الضربات لهم وتصيب الأهداف وتعيد لواء جولاني الى غرفة العناية الفائقة، ويقول رئيس حكومة الاحتلال إنه قبل وقف النار لأن جيشه يحتاج إلى إعادة تأهيل، سوف تنجح سورية وحلفاؤها بحسم هذه الجولة، لكن لا عودة لألوية الجولاني الى العناية الفائقة، وربما تكون الفرصة الأخيرة لتركيا لاختيار الضفة التي تريد الوقوف عليها في الاصطفاف الإقليمي، وكما أن اللون الرمادي في حرب غزة غير قابل للتبرير والقبول، اللون الرمادي في حرب سورية مستحيل، لأن الدور التركي ظاهر.
– على هامش هذه الحرب في حلب ينتظر بعض الغرب كي يطرح على سورية مقايضة وقف الحرب إذا وافقت على تدويل الحدود مع لبنان لتضييق الخناق على المقاومة، تماما كما وقف وزير الدفاع الأميركي كولن باول بعد احتلال بغداد ينتظر جواب الرئيس السوري بشار الأسد على طلبات وقف دعم حركات المقاومة، وكما كان الجواب قاطعا بالرفض يومها، هو قاطع بالرفض اليوم، وكما انتصرت سورية يومها سوف تنتصر اليوم.
ناصر قنديل