جاء “هوكشتين”، المستشار السياسي للرئاسة الأمريكية، مرة جديدة، لإجراء مباحثات جديدة، يوم الثلاثاء 19 نوفمبر/ تشرين ثان، الماضي، وحطت طائرته في بيروت لمدة يومين، ثم غادر إلى الكيان الصهيوني مساء الأربعاء 20/ تشرين ثان، ومكث هناك في مقابلات مع وزير الدفاع ورئيس الأركان الصهيوني، ثم لقائه مع رئيس عصابة الكيان (النتن/ ياهو)، وبعد المباحثات، غادر الكيان، عائداً إلى واشنطن، فجر الجمعة 22/ تشرين ثان، بعد ثلاثة أيام عمل كاملة، بين بيروت ويافا (تل أبيب)، دون حدوث اتفاق على وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية، وليس هناك ما أعلن عن ترتيبات، وكل ما في الأمر، أن هناك استكمال لما يتم، مع إشاعة أجواء التفاؤلات، واتبسامات وضحكات أمام عدسات الإعلام (صحافة وإذاعة وتليفزيون)!!
وفي تقديري أن مباحثات هذا المستشار، هي استكمال لمباحثات أجراها، من قبل، ومباحثات أجراها أفشل وزير خارجية أمريكي المدعو (بلينكن)، وهي مباحثات فاشلة وتجري حالياً في الوقت الضائع. ففريق عمل الرئيس الأمريكي (بايدن)، هو فريق فاشل، لأنه أعلن عن صهيونيته، فأصبح في غير محل الثقة لدى أطراف المقاومة، وهي محور واحد بلا شك. وما لم يستطع هذا الفريق أن يصل إليه وهو في كامل سلطاته، قبل أن ينجح “ترامب”، فهل يستطيع إنجازه وتحقيقه في الوقت الضائع؟!
كما أن هؤلاء أعضاء فريق بايدن، منحاز تماماً إلى الكيان الصهيوني، وداعم لرئيس عصابة الحكم الاستعماري، بكل أوجه الدعم العسكري، والاقتصادي والسياسي، وغيرهم، من ثم فهو شريك له في كل جرائمه ضد الفلسطينيين واللبنانيين، وإيران واليمن، وكل محور المقاومة. فأمريكا شريك كامل في الجريمة الأم وهي جريمة “الإبادة الجماعية – Genocide”، ثم جرائم الاغتيالات المختلفة، ثم التدمير الشامل والخراب في المنطقة، ومن ثم فلا يجب أن ننتظر من أمريكا وفريق عمل بايدن، ولا ترامب القادم مرة أخرى، أية نتائج على الإطلاق، وعلى مدار عام وأكثر، منذ السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى)، وأنا أؤكد ذلك، بأنه لا أمل في خيار أية مباحثات أو مفاوضات، للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وحماية الفلسطينيين واللبنانيين، وراهنت دائماً على فشل كل هذه المحاولات – وان كانت ضرورية لكشف الوجه القبيح لهذا النتن/ياهو، وعصابته في الحكم نيابة عن الاستعمار الأمريكي الأسوأ في التاريخ ومن يعاونه في أوروبا صاحبة التاريخ الأسود في إقليمنا العربي والشرق أوسطي.
ولنتذكر أخر استخدام للفيتو الأمريكي يوم الأربعاء 20/ تشرين ثان، في مجلس الأمن، ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة، وفوراً، مع موافقة جميع الأعضاء الـ (14) الآخرين، الأمر الذي يؤكد أن أمريكا، لا يمكن أن يرجى منها خيراً لمنطقتنا وشعوبنا العربية والإسلامية.
ومن يراهن على ذلك واهماً، أو مخدراً، أو عميلاً في خدمة الكيان الصهيوني/ الأمريكي، ويعمل للترويج لما هو كاذب، وخادع، ويحاولون أن يزيفوا وعي الشعب العربي والإسلامي. ولا تنسوا أيضاً أكذوبة حل “الدولتين”، والتي طرحنا في مواجهتها، حل “العودتين”، أي عودة الشعب الفلسطيني لكامل أرضه، وتحرير فلسطين كلها من النهر إلى البحر، وعودة المستوطنين، إلى بلادهم الأصلية التي هاجروا منها، وباستثناء أركان العصابة الحاكمة، التي يجب إعدامهم علنا، وأمام العالم، بعد محاكمتهم على أرض فلسطين بعد تحريرها، على كل جرائمهم.
ومن أسف أن منظمة المؤتمر الإسلامية، في آخر اجتماعها في الرياض، تروج لأكذوبة “حل الدولتين”، وتيناسون، أن السلطة الفلسطينية العاجزة والمشلولة، والتي تقوم بدور “البوليس” لعصابة الحكم الاستعماري، لم تتقدم خطوة واحدة، في طريق التحرير والاستقلال، منذ عام 1992م (ولمدة 32 سنة متصلة)!! إنهم إذن يروجون لأكاذيب يعلمون أنها لن تتحقق، ويخدرون بها شعوبهم، وكأنهم يغسلون أياديهم من تشاركهم في جرائهم الكيان الصهيوني!! وتيناسون، أنهم شركاء في جرائم هذا الكيان الصهيوني الأمريكي، ولم يتخذوا خطوة عملية واحدة مما يقولون به، أنهم داعمون للقضية الفلسطينية ولشعب غزة المحاصر، والمدمر، والذي يموت يومياً من الفقر (جوعاً وعطشاً)، في نفس الوقت الذي يدعم هؤلاء الكيان الصهيوني بالمؤن والغذاء وكافة التسهيلات عبر الخط البري القادم من الإمارات والسعودية والأردن، بل هناك سفناً داعمة ومليئة بكل أوجه الدعم، من تركيا التي تتظاهر بأنها مع القضية الفلسطينية ودعم غزة، ويتضح أن “أردوغان”، ظاهرة صوتية، ويتسم بالكذب والخداع والمراوغة. وقد كشفت اليمن التي تسيطر على البحر الأحمر، هذا الخداع، عندما دمرت سفينة تركية ترفع علماً لدولة بنما، لمخادعة اليمن، الذي كشف ذلك، ودمر السفينة، وسط غضب تركي غريب!!

كما أن الصفقة الكبرى لكل من أمريكا والكيان الصهيوني/ الأمريكي (عصابة الحكم)، ما أصدرته محكمة الجنايات الدولية من قرارات توقيف كل من: رئيس عصابة الحكم (النتن/ياهو)، ووزير دفاع العصابة أيضاً – والسابق الآن (جالانت)، ومطالبة جميع الأعضاء بالمحكمة وعددهم (124) دولة من إلقاء القبض عليهما انفراداً، أو معاً، إذا حلوا على أي بلد عضو، بل ومطالبة الدول غير الأعضاء بذلك، وذلك صباح يوم الخميس 21/ تشرين ثان 2024م. حيث فشلت أمريكا في منع صدور القرار لعدة شهور سابقة، ومارست جميع الضغوط والتهديدات ضد المحكمة، ترهيباً وتخويفاً، وإغراءً، ولكنها فشلت في ذلك، باستثناء التأجيل فقط!! وقد انتصرت المحكمة الجنائية الدولية، للعدالة والقانون الدولي، بإصدار هذا الحكم، وهو الأمر الذي يسهم في تقييد حركة هذا النتن/ ياهو، ووزير دفاعه السابق، وتخويفهم مما هو قادم، لأن الخطأ في الحركة، سيؤدي بهم إلى حبل المشنقة الدولية!! ولهذا حديث قادم أكثر تحليلاً لهذا الحكم ومضمونه وتداعياته.
فأمريكا تقدم العسل المسموم، وهناك من يدافع عنه، بل ويتقبلونه وهم يعرفون مسبقاً، أنه لا فائدة. فكل ما يقدم هو استهلاك للوقت، والتظاهر بالمشاركة في الحل ووقف إطلاق النار في غزة، أو في لبنان، ومحاولة لتأكيدها على نفوذها على الأطراف، وهو أمر خادع، لأنها شريكة في كل جرائم الكيان، حتى أنني أسميته وهذا حقيقي بـ “الكيان الصهيوني/ الأمريكي”.
فعلى الجبهة في غزة، يقدمون، وقفاً مؤقتا للنار، حتى يحصلون على الأسرى، وعددهم يتجاوز المائة، ثم يواصلون “الإبادة الجماعية”، كما فعلوها في أمريكا، عندما أبادوا نحو (100) مليون أمريكي أصلي، حتى يقيمون هذه الدولة المزعومة حالياً بـ “الولايات المتحدة الأمريكية”، فمن يصدقهم إذن؟!
ويقدمون للبنان، وقفاً لإطلاق النار، على خلفية تطبيق القرار الدولي رقم (1701)، بوقوف الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وتراجع حزب الله والمقاومة إلى ما وراء نهر الليطاني، وفصل الجبهة اللبنانية عن مساندة ودعم غزة، وعودة اللاجئين الصهاينة إلى الشمال الفلسطيني المحتل، وعودة النازحين اللبنانيين إلى الجنوب، مع إعطاء الكيان الصهيوني الأمريكي حرية “ضرب” لبنان في أي وقت، إذا ما “تنفس” حزب الله!! فمن يقبل بذلك.. يا سادة؟! أنها اطروحات فاشلة، ولا يمكن لها أن تجد قبولاً لبنانياً، وخصوصاً حزب الله.
كما أن “ترامب” القادم، يعد الآن، دعماً كاملاً للكيان الصهيوني، باعتباره أمريكياً في الأصل، بضم الضفة الغربية كاملة، وضم غزة، إلى الكيان، مثلما حدث بالموافقة الأمريكية في فترة ترامب الأولى (2017 – 2020م)، بضم الجولان!! ومن ثم فكل ما هو مطروح أمريكياً وصهيونياً، مرفوض عربياً وإسلامياً، بل ومن محور المقاومة كاملاً!!
فلن تتوقف جبهات الإسناد المقاومة، إلا بعد الوقف النهائي لحرب الإبادة الجماعية والانسحاب الكامل لجيش الاحتلال من غزة، وفك الحصار على غزة والضفة، وإعادة تعمير غزة، وتقديم كل المساعدات لشعب فلسطين في غزة خصوصاً، دون عوائق نهائياً.
فلنحذر مما يقدم من الأمريكان المنحازين للكيان الصهيوني الاستعماري، التابع لهم، تثبيتاً للنفوذ، وتأديباً للحكام، وإذلالاً للشعوب، في الإقليم، وكل هذا لا علاج له، إلا بالمقاومة، ولا تحرير لفلسطين إلا بالمقاومة والسلاح، وهو الذي سيقود هذا الكيان إلى الانهيار، ثم الرحيل، وتحرير كل فلسطين. كما أن “النار” لم، ولن تتوقف، إلا باستمرار المقاومة، والتحمل لمعركة طويلة، بدأت في السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى)، الذي كان بمثابة ضربة استراتيجية، أفقدت الكيان الصهيوني/ الأمريكي، وعيه، وباقي صوابه، ومن ثم، فلا توقف للنار والمقاومة العسكرية حتى تحرير فلسطين، وإنهاء الوجود الصهيوني/ الأمريكي. فلنصبر ونضحي ونستمر في المقاومة. والجزاء بالنصر مؤكد من عند الله، والله الشاهد.
القاهرة السبت الموافق 23/ نوفمبر (تشرين ثان) 2024م د. جمال زهرانالقاهرة