● لنبدأ من الجبهة السورية مع الكيان الصـهـيوني، فهذه الجبهة ليست رخوة، وليست نقطة ضعف كما يُروّج البعض، بل هي جبهة قوية ومُتماسك، وقد عُمل على تقويتها منذ سنوات، ولم يكن الإسناد لغزّة من جبهة لبنان لينطلق لولا الإطمئنان على قوّة الجبهة السورية، والمنطق يقول أنه لو لم يكن الصـهيـونـي يعرف ما حُضّر له بهذه الجبهة لما تردّد بالتقدم عبرها، ليس الآن فقط بل منذ سنوات، أي عندما كانت عصاباته في المنطقة الجنوبية تطلب منه الدعم المباشر.

● الورقة التي لعبتها حكومة الكيان، والتي عنوانها التهجير مقابل التهجير، والرهان على عجز أو ارتباك الحزب جراء نزوح مئات آلاف المُهجّرين هذه الورقة سقطت بشكل كامل، فالجنوب أصبح فارغاً من معظم سكانه، والمُهجّرين انتقلوا، وتمت ملاقاتهم بما يليق بأشرف الناس، سواء كان ذلك في لبنان أو في سورية، وبذلك أصبح الحزب طليق اليدين.

● الكيان كان يعرف أن ردّ الحزب بعد الانتهاء من نقل سكان الجنوب سيكون مختلفا،ً ولذلك لجأ إلى ارتكاب المـجـازر ضدّ المدنيين قبل التهجير، وبات واضحاً أن الحزب تحرّر من هذه العقدة، بدليل قوّة الردّ، ومساحته، والأهداف التي وصل إليها.

● أيضاً خسر الكيان ورقة طالما راهن عليها، وهي تأليب الداخل اللبناني ضدّ الحزب، بما فيهم الحاضنة الشعبية للحزب، وهذا سبب المجازر، لكن الذي حصل أن الحاضنة تماسكت بشكل أكبر، والداخل اللبناني عبّر عن رأيه بعد عمليتيّ البيجر واللاسلكي، وذلك عندما هرعت الغالبية الساحقة ممن راهن الكيان على ارتفاع مواقفهم وأصواتهم ضدّ الحزب، لكن هذه الغالبية هرعت لتحتضن جرحى التفجيرات ولتتسابق على التبرع بالـدم، وهذا الموقف الشعبي الرائع والعابر للطوائف والمناطق، هو الذي أخمد أصوات بعض السياسيين الذين عوّل عليهم الكيان.

● المستوطنون الصـهـايـنة وبعد استيقاظهم من نشوتهم وعودتهم إلى الواقع، رجعوا ليطالبوا حكومتهم بالعمل على ملف الأسرى، بمعنى إيقاف جبهة لبنان.

● القناة 13 العبرية تقول لحكومتها بلسانها وبلسان المستوطنين، أنكم كاذبون، فأنتم لم تـدمّـروا 50% من صــواريـخ الحزب، بدليل إطلاق الحزب أكثر من 400 صـاروخ بيوم واحد وتـدميـر أهداف حيوية عسكرية وصناعية، وبمسافة تصل حتى 140 كم عن الحدود مع لبنان، وتقول للحكومة أيضاً، لقد فشلتم في إبعاد الحزب، وفي تـدميـر قدراته، وفشلتم في إعادة المُهجّرين، كما فشلتم في فصل مسار جنوب لبنان عن مسار غزّة، لذلك عليكم العودة للتفاوض مع الُمقاومة الفلسطينية.

● استهداف الحزب للمطارات العسكرية مثل مطار رامات دافيد ومطار ماجدّو، وإخراجهما من الخدمة منذ الأيام الأولى، وبالتالي اضطرار الطيران الحربي للهبوط في مطارات قبرص، هذا الاستهداف هو رسالة بالغة القوّة، تقول لجيش الاحتلال إن تفوقكم الجوي سيكون مؤقتاً، وسينتهي بشكل كامل مع الإنتهاء من تدمير بقية المطارات.

● رئيس حكومة الكيان يُعلن تشكيل لجنةٍ برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومته، وهذا الرجل هو العقل الذي يدير نتنياهو بشكل كامل، ومهمة اللجنة هي وضع خارطة طريق للخروج من المأزق الكبير للكيان وحكومته، ويقول نتنياهو في أمر تشكيل هذه اللجنة أن قراراتها ستكون مُلزمة للجميع، أي للسياسيين وللعسكريين، بمعنى أنها ستكون السُلّم الذي ستستخدمه الحكومة للنزول عن الشجرة.

غسان استنبولي – سورية