تتعالى أصوات الأنين في كيان العدو بعد الوصول لأعتاب العام على بدء عملية السابع من أكتوبر المذلة المدمرة بالتزامن مع عبارات الجنون والمزايدة بين قياداته المتخبطين، خاصة وبعد تجرُّع الهزيمة في معارك غزة التي هتكت ستر ادعاءات “الجيش” الذي لا يهزم، تأتي عبارات الجنون بوعود التصعيد وإعلانات التوسع للشمال نحو الجنوب اللبناني بمثابة الانتحار سياسياً إن لم يقدموا عليها كما أنه انتحار فعلياً لكيانهم في حال أقدموا.


لا أقول ما أظن ولا ما أرغب به فقط ولكن إذا ما حكمنا المنطق الحسابي وتابعنا الانهيار الاجتماعي في الكيان والتلعثم في رواية شعارات الصمود والإقدام ترى بأن حال العدو أسوأ من حال السلطنة العثمانية في بدايات القرن العشرين والتي كانت بجانبها ألمانيا المتفوقة صناعياً وعسكرياً واقتصادياً، كانت تردد ذات العبارات كاشفة عن صدرها أمام الغرب ولكنها ممزقة داخلياً، ولكن سلطانها لم يكن يأبه إلاَّ بعبارات التصعيد حتى سقط وسقطت سلطنته الممتدة من الداخل قبل الخارج وخلال عامين اثنين.


فلو تمعّنا بالخسائر التي تعرض لها “جيش” العدو المرتعد في غزة، نجد أن المعارك حيَّدت سلاح الجو عن المعارك النوعية وتحول القتال إلى الاشتباك المباشر من النقطة صفر ما نتج عنه تدمير وإعطاب مئات دبابات الميركافا وعربات النمر وجرافات ال D9 وغيرها التي برع رجال القسام وفصائل المقاومة في صيدها لدرجة أن انتشرت مقاطع المقاومة رغم تقييد الكثير من المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، فاشتهر صاحب الرداء بكامل أناقته وهو يفتك بإحدى تلك الكتل الحديدية ليعود فرحاً بسلام، ومشاهد كثيرة كالمقاوم الذي أحرق ال D9 بقداحة السجائر ذات ال٢٠ سنتاً بعد أن صعد واضعاً العلم على قرة رأسها، فقد بلغت خسائر العدو بغزة ما يقارب ال ١٧٠٠ آلية مدرعة حتى يوليو من هذا العام ويرجح بأن العدد فاق ذلك بكثير خاصة بعد معارك تل الهوى ورفح والشجاعية، و لا ننسى ما وقع على الحدود الشمالية وفي الضفة على تلك الآليات، لدرجة أن العدو بات يصرح من خلال قنواته الإعلامية بالنقص الحاد في الدبابات والآليات، وبالتالي لم تعد الدبابات جزءاً فاعلاً في المعارك بسبب عدم توفرها.


ولا ننسى بأن الكيان و”جيشه” الذي يعاني من نقص المقاتلين الذين تعرضوا للقتل والإصابة والإعاقة والجنون، مما دفعه بأن يسارع بعمل برامج لإعادة تأهيل الجنود بملايين الدولارات، كما استقطب الكثير من المرتزقة من أميركا وأوروبا والهند وغيرها مقابل مبالغ مادية مغرية لأي مجرم سادي، حيث يتقاضى المرتزق حوالي ٣٩٠٠ يورو في الأسبوع ما يؤثر بالسلب على اقتصاد الكيان، و رأينا أشلاءهم من خلال مقاطع المقاومة وهي تتعرض للشواء داخل الآليات المتفحمة.
واليوم وبعد كل هذا وبعد أن سقطت سردية “الجيش” الذي لا يقهر وانتصار سردية المقاومة بتنا نشاهد غليان الداخل المحتل، بعد نزول المُنادين بوقف الحرب وإعادة الأسرى من خلال صفقة تبادل، بلغت أعداد المتظاهرين في مدن الكيان ما يفوق ال٣٠٠ ألف على أقل تقدير، بمشهد يشبه مشاهد الاعتراض على معركة بيروت عام ١٩٨٢ والتي وصل عدد المتظاهرين في الداخل المحتل حينها ٢٤٠ ألف والتي كانت أحد أسباب وقف التقدم وإيقاف القتال.


وبعد أن وقع الكيان في زنزانة المساءلة ومطالبات العالم الحر بمحاسبة قادته وبعد كل هذا وذاك والكثير مما لا يسعنا ذكره في مقالة واحدة يخرج أحمق من قادة هذا الكيان المنهزم ليعلن استعداده للتوجه شمالاً، فما يسعني قوله بكل التزام إن الكيان انتهى وهذه هي سكراته الأخيرة.


وأخيراً عزيزي القارئ وبعد كل ما ورد في هذا المقال، من هو الراغب بتوسع القتال ومن الراهب؟


صلاح الدين حلس – الكويت