يسألونك عن العلاقة الأمريكية الإسرائيلية وتداعياتها…قُل:
كتب فراس ياغي
تقريبا كل الفضائيات وبغض النظر عن توجهاتها قلقة لدرجة الجنون في البحث في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، ويبحثون عن جملة هنا وتصريح هناك وحديث عابر هنا وهناك، لكي يجدوا ان تلك العلاقة يشوبها ما يمكن ان يُحدث فارق او يؤسس إلى خلاف، أو يُغير من التوجهات في مُجمل الملفات، وبالذات الفلسطينية واللبنانية والإيرانية
في هذا المقال السريع سنحاول ان نقول رأينا المتواضع بما يسألون، خاصة أن البعض الذي كان في عشق مُسكر مع المقاومة، صحي مرة واحدة وبدأ يُغير هذا العشق بإسم الواقعية
هناك في السياسة بديهيات لا يمكن تجاوزها، فمثلا “السياسة هي تعبير مكثف عن الإقتصاد” كما قال “كارل ماركس”، وقصة “فن الممكن” و “تبادل المصالح” ليست سوى تعبيرات فرعية عن الأصل، اي ان المصالح هي إقتصادية بالاساس، والفن الممكن هي عملية تطويع لتحقيق تلك المصالح الإقتصادية
نعود للعنوان ونسأل ونجيب:
السؤال الاول:هل هناك تناقض في التوجه الأمريكي لمنطقة غرب آسيا “يسمونه الشرق الاوسط” مع التوجه الإسرائيلي؟
الجواب: لا تناقض مطلقا بل هناك تباين في الأدوات التي يجب إستخدامها، وخلاف مع التوجهات الإستراتيجية للمتطرفين الصهاينة “سياسة سموتريتش وبن غفير”، لذلك يجب تحرير “نتنياهو” من قبضتهم عبر “العفو” عنه للذهاب للانتخابات المبكرة وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة “نتنياهو”، أو تشكيلها الآن إن امكن وذلك بهدف تسهيل توسيع الإتفاقيات “الأبراهامية”
السؤال الثاني: هل هناك تباين في الإستراتيجية بين أمريكا وإسرائيل؟
الجواب: لا يوجد اي خلاف في الإستراتيجيا بين الطرفين لأنهما متفقان تماما في أن تبقى الهيمنة الأمريكية تامة وأن الأداة الغليظة لتحقيقها هي إسرائيل بحيث تبقى متفوقة عسكريا ومتقدمة تكنولوجيا على جميع دول المنطقة
السؤال الثالث: اذا كان هناك خلافات سياسية في التوجه بين الطرفين، فهل هذا ينعكس على العلاقات العسكرية والأمنية؟
الجواب: لا كبيرة…كل ما تقوم فيه إسرائيل عسكريا وأمنيا يتم تنسيقه حتى لو علم فيه السياسيين قبل تنفيذه بساعات او ايام، فمثلا قصف الدوحة نُسق مع العسكريين، ولو لم يكن هناك تنسيق لحدث تصادم مع القاعدة الأمريكية “العديد”، كما أن لا فرق بين السي ٱي إيه والموساد، وإسرائيل جزء لا بتجزأ من قيادة الإسطول الخامس الأمريكي “السينتكوم” التي فيها دول عربية مركزية
السؤال الرابع: لماذا تظهر بعض التصريحات الأمريكية من قبل المسؤولين وكأنها في خلاف مع سياسة إسرائيل “نتنياهو” مثلا؟
الجواب: هناك حد أعلى وهناك حد ادنى، وإسرائيل لديها حرية الحركة بينهما، وحين تتجاوز إسرائيل الحد الأدنى، تظهر هذه التصريحات، مثال على ذلك “الممارسات الإسرائيلية في “سوريا”، وتصريحات الرئيس “ترامب” عن إزدهار “سوريا” وضرورة التوصل لإتفاق امني بينها وبين إسرائيل عبر الحوار”
سؤال حول التداعيات: ماذا عن دول الإقليم ودورها في خضم العلاقة الإستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية؟!!!
الجواب: رحم الله الرئيس المصري “انور السادات” حين قال: “99% من اوراق الحل هي بيد امريكا” اما الواحد بالمئة فهو بالتأكيد ليس سوى هامش مناورة مع الأمريكي، كما ان العديد من الزعماء العرب ودون ذكر اسماء حين تم سؤالهم عن المواجهة مع إسرائيل قالوا: لا قدرة لنا على محاربة أمريكا، أما زعماء الدول الرجعية وفق رؤية القائد الخالد “جمال عبد الناصر”، فهم جزء لا يتجزأ من الرؤية المشتركة الأمريكية الإسرائيلية أمنيا وعسكريا وإقتصاديا، فهي إما دول حليفة وتابعة او دول وظيفية
هنا يجب ان نتوقف ونقول ان بعض الدول الإقليمية الكبرى “مصر” “تركيا”، لها مصالح يجب أخذها أمريكيا بعين الإعتبار من حيث امنها القومي، لذلك يكون موقفها أكثر شدة من غيرها، وهذه تعتبر نقطة خلاف مع الإسرائيلي الذي لا يُعطي اي إعتبار لذلك، وهنا يحاول الأمريكي عبر الدبلوماسية تحقيق ما تريده إسرائيل دون خلق ازمة مع تلك الدول، أي إيجاد صيغ وسطية تُعمق العلاقة بين مختلف الدول الحليفة والدول التابعة والدول الوظيفية، وهذه تُعتبر نقطة خلاف دائمة مع حكومة “نتنياهو” المتطرفة
خلاصة يسألونك وتدعياتها
الإقتصاد يفرض نفسه، والأمريكي الذي يتداعى إقتصاديا يريد تحويل كل منطقة غرب آسيا والعراق إلى بحيرة أمريكية بحيث تستطيع الشركات الأمريكية الاستحواذ على الحصة الأكبر من ثروات الطاقة والمعادن النادرة وغيرها جنب إلى جنب السيطرة على طرق التجارة، وتحت يافطة التنافس مع الصين أولا وأخيرا
*وهذا لا يمكن تحقيقه في ظل وجود محور “المقاومة ـ إيران”، لذلك يجب إنهاء كل فكرة المقاومة ومحاصرة إيران أو إسقاط نظامها أو تطويعها، لأنه وبكل بساطة لن يكون هناك إستثمار كبير في حوض سورية الكبرى “الشام” دون وجود إستقرار، وهذا الإستقرار أساسه إسرائيل وأمنها، وعليه، فلا مكان لأي مقاومة بعد سنتين من المعارك،
