يُكرَّمُ الأطباء بجوائز عديدة حول العالم من المعاهد والمستشفيات العريقة والجامعات، وكذلك يكرمون بالأوسمة الوطنية. وأشهر تلك التكريمات في عالمنا المعاصر هي جائزة نوبل في الفيسيولوجيا أو الطب، بل هي أرفع الجوائز التي تقدم للأفراد أو الفرق أصحاب الإنجازات الطبية الفارقة. وأقرأ أن أول من حصل على جائزة نوبل للطب عام 1901 هما الطبيبان سانتلغ إيفانز وإميل فون بهرنج لاكتشافهما مصل الدفتيريا، حيث كان لهذا المصل الدور الكبير في تقليل الوفيات وإحياء الناس وإطالة أعمارهم.

طبيبنا اليوم وحيدُ والديه، والدٌ لثلاث جواهر، بشوش الوجه، حسن السمت، متفانٍ في عمله برغم صعوبة الظروف في الضفة الغربية. هو ابن جنين، جنين الثورة، الطبيب عبدالله أبو تين.

كان الطبيب عبدالله أبو تين مقرباً من أصدقائه كثيراً، يشهدون له أولاً قبل كل شيء بحسن الخلق، بل وإنه من الذين إن تنظر إلى صورتهم تشعر بمحبتهم وقربهم. كيف لا وهو يطبب الأجساد بكل صدق وأمانة، فلمَ لا تطيب النفوس برؤيته!

الطبيب عبدالله أبو تين، لم يكن متخصصاً بإنقاذ الأرواح من الموت الوشيك فقط، بل يعيد الهمة إلى المقربين لممارسة الحياة في ظل الضغوط والحواجز والاقتحامات والاعتقالات المستمرة، التي يمارسها الكيان الصهيوني في الضفة الغربية.

كان عبد الله أبو تين طبيباً مشتبكاً في الساحة، حاملاً لسلاح المقاومة، قائداً مجهولاً في كتائب شهداء الأقصى، فلم يكن يعرف أحدٌ بحياته الأخرى المشتبكة إلا كتيبته ومقاومون من الكتائب. ففي صباح جمعة الرابع عشر من أكتوبر، دخلت قوات الاحتلال جنين، وكان الملثم يناور بين أزقتها، حتى أصابته رصاصة قناصٍ أوروبي صهيونيٍ غادِر، لتصيبه في الرأس، ليرتقي عبدالله أبو تين على أرض جنين.

لم يكن أحدٌ من المقربين يعرفُ من هو صاحب اللثام، فزملاؤه الأطباء والممرضون، يعرفون طبيباً زميلاً لهم، لا أكثر!  بل ربما حتى في هذه كان أكثر من طبيب، فقد كان زملاؤه يمازحونه ويقولون له: لو استمريت في مهنة الطب، فستضرب سمعة الأطباء، لأن معظم شغله “ببلاش” كما عبّر عن ذلك أقربُ أصدقائه.

إن مواجهة الموت بالبالطو، ومن ثم باللثام الأسود إنجازٌ طبي يستحق أرقى الجوائز الإنسانية والعالمية بجدارة، لأن مواجهة الموت إلى أبعد حد تعكس الجوهر الذي خرج منه جوهر الطب. فإن الدافع لأي إنسانٍ أن يكون طبيباً بالبالطو الأبيض هو إنقاذ الأروح لتكمل مسارها في الحياة بعيداً عن الألم الذي يحيق بها. هو ذات الدافع للبس اللثام ومحاربة العدوان، مستخدماً جسده وذاته وسلاحه بدلاً من الأدوات الطبية، أو بدلاً من صنع مصلٍ لدفع التهديد الذي يحيق بالناس. فعبدالله أبو تين لم يكن يمتهن الطب، بل كان يمتهن الجوهر الإنساني الذي خلق هذه المهنة؛ إنقاذ الحيوات وحفظها من التهديد، سواءٌ كان التهديد مرضاً أو جرحاً، أو كان صهيونياً غاشماً.

يحق لاسم عبدالله أبو تين أن يكون وساماً يعلق على صدر كل طبيبٍ عملَ بجوهر الطب لا بحذافيره، بل إن وسامَ اسم عبدالله أبو تين على صدر طبيب تفانى في حماية الأرواح، أجلُّ من وسام نوبل الذي صنع الديناميت وتركه في عالمٍ تسوده الصهيونية.

آدم السرطاوي – كندا

أغنية في رثاء الشهيد الطبيب عبد الله أبو تين: عشق المخيم ( جنين ) رثاء الدكتور البطل _ عبد الله أبو تين ..بصوت : حمزة أبو قينص HAMZAABUQENAS2022 – YouTube

فيديو عن ارتقاء الشهيد الطبيب عبدالله أبو تين: من الميدان… هكذا ارتقى الدكتور عبد الله أبو التين في اشتباك مع قوات الاحتلال في جنين (youtube.com)