منذ قرابة العامين وغزة تتعرض لأبشع حرب إبادة مرت على تاريخ البشرية، يشنّها كيان الاحتلال الصهيوني مدعومًا من الولايات المتحدة (التي تمثل رأس الإمبريالية في العالم)، لا بل لن نبالغ إذ نقول :إن الولايات المتحدة هي التي تدير حرب الإبادة بشكل مباشر..
ومَن يراقب سلوك الولايات المتحدة الإمبريالية، منذ عقود وحتى اليوم ، يدرك كم هو عميق أن يتم وصفها بالشيطان الأكبر فهي مأساة كافة شعوب الأرض، ولا يوجد مظلوم في العالم من التاريخ إلى الحاضر إلا بسبب سياسات الولايات المتحدة بطرق مباشرة و غير مباشرة، إذ إن الشرّ بالنسبة لها أيدولوجيا، و بدلًا من أن تستغل قوتها في نشر السلام و الديمقراطية و الأمن في العالم كما تدعي، تواصل الشر و استعباد الشعوب والمستضعفين بنظام رأسمالي حقير يسيطر على ثروات العالم و يحتكرها، و يجوِّع سكان العالم ويحاربهم اقتصاديًا ، حيث إن المجاعة التي تحدث الآن في غزة هي مرحلة متقدمة من هذه الخطة الرأسمالية؛ كون غزة باصطدام عسكري مباشر مع هذا النظام الإمبريالي، فالنظام الرأسمالي الإمبريالي يفرض التجويع على العالم للهيمنة عليه بطرق مختلفة و متفاوتة في الكمِّ والزمان والمكان وحسب الحاجة والضرورة وما يقتضيه الظرف..
ولكن، رغم ذلك تواصل المقاومة الفلسطينية البطلة التصدي لهذا الاحتلال الكولنيالي المنبثق عن الإمبريالية الوحشية، وكون الكثيرين يحاولون حرف البوصلة نحبّ التأكيد دائمًا على أن المقاومة الفلسطينية هي سكان غزة، وسكان غزة هم المقاومة..
غزة التي تتعرض لحرب الإبادة و التجويع أعجزت العالم بالصمود و البطولة في مواجهة هذا العدو الذي يهدد العالم، و كأن هذه البقعة الصغيرة تخوض معركة عن العالم الخاضع بأكمله للإمبريالية الصهيوأمريكية و الذي تقع جماهيره ضحية لنظام التفاهة، إلا قلة قليلة من الأحرار و الحركات المقاومة والدول الحرة والتي دفعت وتدفع الأثمان، و لا تزال تناضل.
يساند ويتعاطف مع غزة ويقف معها الكثير من أحرار العالم ونشاهد حراكات عالمية و أنشطة ملموسة، كالأساطيل البحرية و المظاهرات و الإضرابات و غيرها، و يأتي هذا التعاطف من باب الانتصار للإنسانية .
إن هذا الدافع جميلٌ جدًا، ولكنَّ كلَّ حرٍّ في العالم يتعمق بما يجري يدرك أنه بوقوفه مع غزة_استنادًا لما ذُكر و كون غزة أصبحت مركزًا لمعادلة استراتيجية رافضة للهيمنة الإمبريالية في المنطقة من الممكن أن تغيِّر وجه العالم_ فهو يدافع عن وجوده ؛ حيث إن الجميع شاهدَ و يشاهد عجز العالم والقانون الدولي والأمم المتحدة والمحكمة الجنائية وكل المؤسسات الحقوقية عن لجم هذا الكيان الصهيوني و وقفه عن جرائمه، ولقد كشفت معركة غزة أن العالم مكبل اليدين و أسير لدى نرجسية “الفيتو” الأمريكي.
كان رئيس دار الآداب اللبنانية للنشر الدكتور الراحل سماح إدريس دائما يرفع شعار “إذا تخلينا عن فلسطين تخلينا عن أنفسنا” لإدراكه أن الكيان الصهيوني يشكل خطرًا وجوديًا على المنطقة العربية وها قد تم مؤخرًا إسدال الستار عن مشروع “إسرائبل الكبرى” من قبل زعماء الكيان ، و كون غزة و من يساندها يخوضون معركة بشكل مباشر مع الولايات المتحدة، أكاد أجزم أن الراحل المناضل د.سماح إدريس لو كان بيننا الآن لتبنى شعار ،”إذا خسرنا غزة سنخسر أنفسنا و العالم”
فيا أحرار العالم اتّحدوا !!!
أبو الأمير-القدس