بيان صادر عن جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا ـ أولي البأس
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين محمد بن عبد الله، وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
في السابع عشر من نيسان، تحلّ علينا الذكرى التاسعة والسبعون لعيد الجلاء، اليوم الذي ارتفعت فيه راية الاستقلال فوق تراب الجمهورية العربية السورية، وانكسر فيه قيد الاستعمار الفرنسي بعد كفاح طويل، خاضه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وكتبوا بدمائهم الطاهرة أول سطر في كتاب الحرية والسيادة.
أيها الأحرار في الجمهورية العربية السورية:
بالأمس، طُرد مستعمر واحد، واليوم تواجه سورية احتلالات متعددة: تركي، روسي، أمريكي، إسرائيلي، بريطاني، ومعها منظومات عربية مأجورة، تمارس الخيانة تحت عباءة الإعلام والشرعية الزائفة. كلهم يسعون لتمزيق سورية، وسلخها عن تاريخها، وتحويلها إلى دويلات طائفية تخدم مشاريع التقسيم والهيمنة.
لقد اجتمع في عيد الجلاء الماضي الدرزي والعلوي والسني والإسماعيلي وكل نسيج الشعب السوري بكل انتماءاته وقوميتته، وكل أبناء سورية تحت راية واحدة، راية الجمهورية العربية السورية. أما اليوم، فقد مزّقوا هذا الوطن برايات الطوائف، وسمّموه بخطابات الهوية المصطنعة، ورفعوا فوقه أعلامًا دخيلة لا تمثل إلا الخيانة والتبعية.
أيها السوريون:
لم يكن الجلاء منحة من مستعمر، بل كان ثمرة نضال طويل وتضحيات جسام، سطرها رجال كالشهيد يوسف العظمة، والمجاهد صالح العلي، والقائد سلطان الأطرش، والثائر إبراهيم هنانو، وغيرهم من أبناء هذا الشعب الحرّ، الذين قالوا: هذه سورية، لا للتقسيم، لا للانتداب، لا للطائفية، لا للاحتلال.
واليوم، ونحن نُحيي هذه الذكرى المجيدة، نقف لنُحذر من استعمار جديد، جاء بثياب مختلفة، لكنه يحمل ذات الأهداف: الهيمنة، التفتيت، ومصادرة القرار الوطني. وإننا، كما واجهنا بالأمس المستعمر الفرنسي، نُقسم اليوم أن نقف سدًا منيعًا أمام كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن هذا الوطن وسيادته، وأن لا نسمح باقتطاع شبر واحد من ترابه.
مستشهداً بقول الله بعد بسمه تعالى:
“وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ”
أيها المقاومون
كونوا كما عهدناكم، سيوفًا في وجه الأعداء، وحماة للكرامة والأرض. فالجلاء ليس ذكرى عابرة، بل مسؤولية مستمرة، وواجب متجدد، وساعة الفعل اقتربت. الأيام القادمة ستشهد الفصل، وستكونون أنتم طليعة التحرير، في معركة الكرامة والهوية والسيادة.
إنّ فوهات البنادق بدأت ترسم طريق الرصاص، والشمس بدأت بالظهور، والحق لا يُطفأ، ما دام في هذا الشعب من لا يرضى بالذل ولا يقبل بالهوان.
يا أبناء شعبنا العظيم
يا جماهير أمتنا العربية والإسلامية
إن سورية، التي كانت على مدى عقود قلب العروبة النابض، والسيف الحارس لفلسطين، لا تطلب منكم الدعم، بل تطلب الوفاء. نريد منكم الكلمة الصادقة، والموقف الشريف، والوقوف إلى جانب هذا الوطن الذي يدفع ثمن عروبته واستقلاله.
سورية اليوم على سرير الإنعاش، لكنها لم تمت. ما زال في عروقها نبض مقاوم، وفي جسدها جمر مشتعل ينتظر من ينفخه ليعود لهيبًا.
والله وليّ الأمر، وناصر المستضعفين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
صادر عن
القائد العام
لجبهة المقاومة الإسلامية في سوريا ـ أولي البأس
في الذكرى 79 لعيد الجلاء – 17 نيسان 2025 19 شوال 1446هـ