لم اجد عبقرية في التعبير عن العقل اليهودي مثل عبقرية الكاتب الانكليزي الشهير ويليام شكسبير .. صاحب مسرحية تاجر البندقية .. الذي ترجم فلسفة الانجيل في تلك مسرحية ..
فما طرحه هو استكمال لما طرحه الانجيل عن عقلية الجشع لدى العقل التوراتي .. فأحبار اليهود رفضوا ان يسامحوا خصمهم المتمثل في السيد المسيح لأنهم وجدوا انهم أمام لحظة انتقام تاريخية من الرجل الذي هدد معبدهم وانتقد كهنتهم .. فرفضوا اي محاولة صلح ورفضوا اي وساطة للصفح عنه ورفضوا اي مبادرة لطي صفحة الخصومة مع السيد المسيح واظهار انهم يملكون من الفضائل الكثير .. وكانوا أمام فرصة لاتفوت لاسقاط دعوته ونبوته ودعوته واحراج أتباعه باظهاره مخطئا في اعتدائه على الهيكل .. ولكنه الجشع ووالرغبة التي لاتقاوم في الأذى والانتقام .. والتربية على عقلية انك تملك قوة الحياة والموت .. وستأخذ الحياة لنفسك وتنزل الموت في حق خصومك ولاتمنحهم فرصة الحياة ..وهذه هي سيكولوجية الانسان المختار من الاله .. لأنه يصبح يفترض انه ظل الله او الله نفسه حل فيه ..
في تاجر البندقية يحاول الجميع اقناع المرابي اليهودي شايلوك أن يقلع عن هذا العمل المجنون بقطع لحم خصمه وسفك دمه .. ولكن دون جدوى فالعقل اليهودي كان يفكر في منح الموت للخصم .. الذي كان في عقله الباطن يمثل السيد المسيح نفسه وفلسفته ..
اليوم كان كرم الاقدار وسخاؤها انها أعطتنا جيلا من الصهاينة المجانين الذين لايقلون جنونا عن يهود الهيكل .. وعن جنون شايلوك .. وهذه منحة من السماء لأن الخطر علينا كان من العقلية الصهيونية العلمانية المراوغة الخبيثة التي كانت تتغطى بأحدث منتجات العقل الغربي المخادع عن البحث عن الوطن وواحة *الديمقراطية .. هذه العقلية الخطرة هي التي كانت تأكل بعقول العرب الحلاوة وتعرف طريقة التجارة الرابحة .. فتعطيهم سيناء *وتأخذ كل مصر .. وتعطيهم أوسلو وتأخذ كل* فلسطين .. وتعطيهم وادي عربة وتأخذ كل الاردن .. وكان يريد ان يكرر الامر في سورية فيبيع الجولان لأصحابه السوريين ولكنه يأخذ سورية كلها وخلفها كل العالم العربي ..
*العقل الصهيوني اليوم هو عقل خرافي يؤمن ان المعجزات تحدث عندما يصلي .. ويخاطب اليهودي الرب .. وهو لذلك لايقدر ان يعطي الفلسطينيين أي شيء .. حتى شحرة او ورقة من شجرة بل الشيء الذي يقدر ان بعطيه له هو الموت .. وهو يأخذ من الخلايجة كل شيء ولايقدر ان يعطيهم الا الاهانات والاحتقار .. ولايقدر ان يحل مشكلته بالحيلة مع فلسطينيي غزة بل يريد ابادتهم كأنهم قطعة توراتية أمام ملك من ملوك اليهود الذي ينفذ ارادة الرب .. *وعقل هؤلاء الصهاينة يشبه عقل (أبو بكر البغدادي) يؤمن بخرافات الخلافة وهبوط الملائكة من السماء لتعطيه رقاب كل البشر* ..
العقل المنطقي اليهودي المراوغ والخبيث والذي تحكي عنه أساطير الحكايات الشعبية اختفى وبقيت مجموعة من أغبى المخلوقات التي أعطاها الاميريكيون كل شيء وأوصلوها الى نقطة كان يمكنها ان تقول لايجب المغامرة في الدخول في مواجهة مع حزب الله وايران .. ويمكننا الاكتفاء بأفضل ماأنجزناه في أربعة أسابيع تمكنا خلالها من القضاء على زعماء خصومنا الكبار .. وتخلصنا من عقدة 7 أكتوبر .. ولكنهم وقفوا أمام العالم وهم يريدون لحم غزة .. ورطلا من لحم لبنان يتمثل في لحم الجنوب .. وتدمير حزب الله .. والعودة الى جنوب لبنان وبناء مستوطنات في غزة .. فنشوة النصر هي نفسها التي دمرت نفسها عندما أصرت على الانتقام من السيد المسيح دون رحمة وهي التي صنعت عقلية شايلوك .. وكشفت العقل اليهودي المشبع بالاسطورة وحشيش الخرافات .. والمخدرات ..والشايلوكية ..
اليوم يجد العقل اليهودي انه أمام استحالة في اقتحام الجنوب اللبناني .. وأن حزب الله قد دبت فيه الروح التي اعتقد البعض أنها غادرته برحيل قادته .. وهاهي ايران التي كانت فيها قيادة اصلاحية تترك الامر للقرار المحافظ المتشدد الذي لايقبل الا باهانة اسرائيل واذلالها ..
وقد ارسل الاسرائيليون هوكشتاين منذ فترة وكان قبل ان يصل الى بيروت يشبه الاسرائيليون زيارته بزيارة كولن باول الى دمشق بعد سقوط بغداد .. فكولن باول دخل القصر الجمهوري للقاء الرئيس بشار الاسد .. وفي يده قلادة بغداد التي سقطت .. وفي يده انتصار عظيم .. وخلفه تنتطر الدبابات الامريكية على الحدود السورية ان يشير اليها بالدخول اذا لم يقبل الاسد بشروطه ..
*هوكشتاين أريد ان يكون لزيارته نكهة زيارة كولن باول لدمشق .. حقيبة ملأى بالشروط .. شروط استسلام حزب الله وسورية وايران للمشيئة الاميريكة والاسرائيلية .. وهو يتبجح انه قطع رؤوس القيادات التاريخية في المنطقة .. واختل توازن حزب الله .. وخلفه جعجعة نتنياهو الذي صار يريد ان يأكل التبولة في بيروت والحمص في الشام .. والبوظة بجانب قبر صلاح الدين .. قبل ان يتوجه الى طهران لاسقاطها ..
تماما مثل عقلية شايلوك التي لم تفهم ان الفرصة لاتعني ان الزمن لن يوقفك* ..
ولكن ماان وصل هوكشتاين الى بيروت حتى كان حزب الله يبيد الكتائب الاولى لطلائع الوحدات الاسرائيلية التي كانت تناطح الصخر في جنوب لبنان .. ويبدو أن اسرائيل نفذت قدرتها على فعل اي شيء فكل مافعلته هو عملية استخباراتية نفذتها لها المخابرات الاميركية والاطلسية ضد حزب الله .. ولكن العملية الامنية انتهت فعاليتها وبقيت عقدة الصواريخ .. وكتائب حزب الله التي تقاتل كأنها ملائكة خفية تهبط من السماء .. والفرق الاسرائيلية تتصدع .. ولولا سلاح الجو لكانت كل اسرائيل قد انتهت ..
هوكشتاين هو في الحقيقة مبعوث نتنياهو الذي أراد أن يستعيد لحظة وصول كولن باول الى دمشق .. ولكن الرسالة التي سلمها اليه حزب الله عبر الوسيط نبيه بري هي مثل الرسالة التي تلقاها كولن باول من الرئيس الاسد ومفادها (أعلى مافي اميريكا اركبه) ورسالة الحزب لهوكشتاين قالت الامر ليس بيدنا بل (تفاوضوا مع السيد نصرالله واقنعوه في عليائه ليغير وصيته لنا) .. ولذلك اذا بقيت الامور على ماهي عليه فقد ينتهي بالكيان الصهيوني الى نهاية تراجيدية مثل نهاية شايلوك وقبله شعب شايلوك .. الذي صار لايريد الا ان ينفذ بجلده من قرار المحكمة بادانته ..
اذا لم يقدم هوكشتاين مشروعا لانهاء الورطة الاسرائيلية واذا لم يحسم امره ويسلم بالهزيمة فقد يحدث انهيار مفاجئ في الجيش الاسرائيلي اثر عملية عنيفة او خضة غير متوقعة من حيث لايحتسب او اندفاعة غير متوقعة للحزب او للمحور بغطاء ايراني ولايقبل الحزب الا بشروط قاسية ليوقف الاندفاعة .. وأنا لاأستغرب ولاأبالغ ان يكون عندها شرط الحزب لايقاف المواجهة هو ابعاد عصابة القتل والجريمة الحاكمة في تل ابيب .. ولو كان الامر لي فانني سأشترط نقل العصابة بباص أخضر ينطلق من بنت جبيل الى تل أبيب ليأخذ نتنياهو وشلته وعصابة المجانين الداعشيين اليهود الى مكان أخر ويعيد مشهد ترحيل المجانين والاغبياء السوريين الى ادلب .. واذا ارسل نتنياهو الى ادلب فهو مكان مناسب حيث هناك يجتمع الاشرار والاغبياء واللصوص والذين يراهنون على ان اميريكا تملك قرار الحياة والموت .. مجانيننا ومجانين اليهود قد يجتمعون في تلك البقعة التي صارت متسخة جدا .. وقد يوصى هوكشتاين ان يركب في نفس الباص .. لأنه ارهابي خدم مثل اي ارهابي في جيش الارهابيين الداعشيين اليهود ..
نارام سرجون