يتصرف نتنياهو كأهوج؛ أنا أعمى ما بشوف أنا ضراب السيوف.
يضرب خبط عشواء ويمثل أنه يتوهم بتغير مسارات الأزمنة وحاجات الجغرافية والتاريخ وكأنه يملك عصا موسى.
نجح حتى الآن في تدمير غزة ويحاول في الضفة ويعتمد نفس القاعدة في الضاحية والجنوب والبقاع فله ذراع أميركية طويلة وذخائر تدميرية ينفقها بلا حساب .
إلا أنه فشل في تحقيق أي من أهدافه المعلنة في غزة ورغم الاغتيالات والبيجرات والتهجير والتدمير في لبنان فقد فشل جيشُه في تحقيق أي تقدم في الحرب البرية ، والحرب البرية هي الحرب وعبرها تتحقق الأهداف وتُختبَر الجيوش والأمم والقادة.
يتحرَّش يومياً بسورية ويستدعيها للرد.
تحرَّش بقسوةٍ وتطاولٍ على إيران وسيادتها في القنصلية بدمشق وفي اغتيال إسماعيل هنية في بيت وضيافة المرشد و في ذلك مسٌّ بالشرف الإيراني.
ردت إيران مرتين ردوداً محسوبة وأنيقة ودقيقة وعززت موقفها بإعلان أنها لا تريد الحرب ولا تسعى لها وتحاذر أن يستدرجها نتنياهو لا خوفاً منها ولا تحسُّباً للاشتباك مع أميركا وحلفها إنما بسبب تقديراتها ومعلوماتها وربما تفاهماتها مع بايدن وهاريس لتعطيل فرص نتنياهو لتخديم ترامب وإيصاله إلى البيت الأبيض ، الأمر الذي تكرهه إيران إلى أعلى حد.
نتنياهو يعنتر ويتصرف ببلطجة لا لما تمتلك “إسرائيل” من قدرات أو لأنها تملك القوة أو البيئة الاستراتيجية التي تجعلها قادرة على تحقيق أوهام نتنياهو في تغيير “الشرق الأوسط” وفرض سلطان “إسرائيل” عليه وفيه ، فهذا أمرٌ من عاشر المستحيلات ولا تتوفر له أية ظروف أو بيئات أو قدرات .
السؤال هنا ، مَن يقف خلفَه ؟! ومَن كلَّفه بالمهمة ؟! وما هي المهمة؟
الحكومة الخفية للشركات والبنتاغون تتصرف على أن هذه هي  فرصتها النادرة لتطبيش المنطقة وتدميرها وخاصة النفط والغاز والعمران والأهم النووي الإيراني.
التطبيش يعني التدمير الواسع وتعطيل النفط والغاز وتأخير قدرة إيران على النهوض لعقود.
ماذا تستفيد حكومة الشركات أي ” لوبي العولمة” ؟
–        إفقاد الصين وروسيا العامود الثالث في نهوض أوراسيا وإملاء فراغات التراجع الأمريكي والانشغال بالأزمات الداخلية.
–        تدمير النفط والغاز وتعطيل الممرات سترفع من كلفة النفط للصين وآسيا ما يرفع كلف المنتجات فتتأمن أسواق للمنتجات الأمريكية وخاصة الشركات ، ما سيؤخِّر صعود الصين وقد تنشغل بأزمات مع تراجع الإنتاجية والنمو.
–        رفع سعر الطاقة من الخليج والشرق يلزم أوروبا بشراء النفط والغاز والمنتجات الأمريكية ما يعزز دور النفط والغاز الصخري الأمريكي بالمساهمة في إنقاذ الاقتصاد وتعظيمه.
–        تدمير إيران يعطل قدراتها على السير بمشروعها والتشكل كقوة إقليمية محورية سيادية صاحبة مشروع في الاقليم والعالم، وقد يأخذها إلى الفوضى والاحتراب الداخلي وهذا هدف تاريخي للعالم الأنجلو-ساكسوني ، ويطلق يد تركيا في الإقليم ويعزز من مكانة مصر السعودية والآمارات وهي القوة الإقليمية التي تراهن عليها حكومة الشركات لإدارة الإقليم بالتفاهم مع تركيا الأطلسية تعويضًا عن عجز “إسرائيل” ونقص قدرات أميركا والأطلسي وانحسارهما وهذه من أسس استراتيجيات الحكومة الخفية للقيادة من الخلف وعبر الأحلاق الإقليمية المنضبطة والمسيرة التي نصت عليها توصيات بيكر هاملتون ٢٠٠٦
–        قد يكون الثمن نهاية “إسرائيل” وتدميرها ، الأمر غير المكلف ولا المضر  للشركات ومصالحها. ف “إسرائيل” فقدت قدراتها وتحولت من كنز ثمين إلى عبء ثقيل والعقل الأمريكي الأنجلو-ساكسوني براغماتي أي عملي ومصلحي ولا يقيم وزن أو اعتبار للقيم الأخلاقية والإنسانية ولمقولات الأخوَّة والتحالفات والوفاء… فأميركا نفسها قامت على إبادة شعوب واستعباد أخرى واستمرت وتعاظم دورها بالحروب والتدمير والإبادة  فما الضرر الذي يقع عليها  من نهاية “إسرائيل” وقد استُخدِمت وانتهت صلاحياتها وباتت مشروعًا مكلفًا وخاسرًا… وتستخدم في هذه الحرب كخرطوشة أخيرة إذا صابت يكسب لوبي الشركات والعولمة وتعود مشروعًا مربحًا. وإذا خابت فلتذهب إلى جهنم المهم أنها طبّشت الإقليم ودمرت قواه الناهضة والصاعدة وأزَّمت الصين وحرمتها من الطاقة القريبة والرخيصة وأعادت هيمنتها على أسواق الطاقة والمنتجات وعززت فرص الاقتصاد الأميركي بما هو اقتصاد الشركات وأمن اميركا من خطر الانهيار الاقتصادي وتفكيك النظام.
المفارقة أن اللوبيين المتصارعين  في أمريكا يتفقان على فرصة تطبيش وتدمير الإقليم وتأزيم الصين وإضعاف روسيا في المنطقة وخاصة إعادة السيطرة على الطرق وإنتاج الطاقة والتحكم بالتوزيع والأسعار.
لوبي العولمة وحكومة الشركات الخفية لها مصلحة وهذا ما يفسر تردد وارتباك بايدن هاريس من نتنياهو وعدم وضع حد لمغامراته وتمويل حربه وتذخيرها بدعم واتفاق مع لوبي الأمركة الذي يقوده ترامب وقد جاهر مطالبًا نتنياهو بتدمير المنشآت النووية الإيرانية وتدمير النفط والغاز والبنى التحتية.
قبل الانتخابات الأميركية نتنياهو سيضرب إيران بقسوة وقد يضرب ما تبقى من بنى تحتية في سورية والعراق واليمن.
زمن نهاية “أسرائيل” دنا ويُعَدُّ بالأيام والأسابيع والأشهر لا بالسنوات وآخر وظائفها تطبيش المنطقة ودولها وتركها مدمرة ولو كان الثمن زوالها وتدميرها فقد أدت قسطها وأتمت وظيفتها. في كل الأحوال المستفيد أميريكا بلوبييها المحتربان.
المهمة يجب أن تنجز قبل الانتخابات الرئاسية أي بأيام وأسابيع قليلة.
الإقليم ملتهب والعالم مضطرب.
الأيام الجارية خطيرة وثمينة وسيتقرر فيها خرائط ومصائر.
 

بيروت؛ ٦/١٠/٢٠٢٤
ميخائيل عوض