بقلم: ل. د. حسن أحمد حسن
بطاقة معايدة بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لحرب تشرين التحريرية
أيه تشرين التحرير كم أنت غال وعزيز على قلوب جميع الأنقياء من أبناء الوطن والأمة… إيه تشرين البطولة والإرادة كم أنت مُتَجَذّرٌ في شرايين عشاق الضياء وأصحاب الهمم الذين حذفوا من قاموس تعاملهم الحياتي كل معاني الخوف والتردد والذلة والانكسار، وانطلقوا في السادس من تشرين الأول عام 1973 صواعق وأعاصير تبدد ثقافة الهزيمة وجلد الذات، وتفتح العقول قبل العيون على أفق لا متناهٍ من الآمال المشروعة القابلة للتبلور حقائق وشواهد تؤكد أن نور الشمس لا يحجب بغرابيل اليائسين المحبطين، ولا بأضاليل القتلة المجرمين وجحافل طوابيرهم الخامسة والسادسة و.. و … الخ.
أفئدة الجيل الذي عاش أيام ملحمة الإرادة التشرينية ستبقى تخفق بمشاعر العزة والكبرياء، وهم يشنفون آذانهم بأنغام قدسية يسترجعون بها وقع تراتيل صوت العظيمة فيروز في أغنية “خبطة قدمكم عالأرض هدارة”… فكل عام وأنتم بخير يا أبناء الجيش العربي السوري البطل حصن الوطن وسيفه وترسه ودرعه المنيع… كل عام وأنتم بخير يا أبناء أبطال تشرين التحرير وأحفادهم الميامين الذين حملوا الأمانة وأدوا الرسالة خير أداء فجددوا روح تشرين وبطولاته بوقفة شماء جديدة بقيادة السيد الرئيس المفدى بشار الأسد، وأثبتوا بحق أنكم خير خلف لخير سلف، فعلى امتداد أكثر من ثلاث عشرة سنة من عمر أقذر حرب عرفتها البشرية كنتم الفداء لسوريتنا الحبيبة في مواجهة جحافل الإرهاب التكفيري ورعاته وداعميه، وأثبتم للعالم كله أنكم أمل الأمة والعين الساهرة على أمن الوطن والمواطنين، وها هي سورية اليوم بفضل الدماء الزكية الطاهرة التي افتدت الوطن تستعيد عافيتها، وتتابع السفينة إبحارها نحو شاطئ الأمن والسلامة والانتصار بقيادة الأسد البشار حماه العزيز الجبار.
مع إطلالة ذكرى تشرين التحرير 1973 يطيب لي القول إنها لم تعد ذكرى بل تحولت إلى ذاكرة وبصمة وطنية يعتز بها أبناء أولئك الأبطال الذين نفضوا غبار الذلة والهزيمة وانطلقوا يروّضون المستحيل، ويزلزلون الأرض تحت أقدام الاحتلال الإسرائيلي البغيض وكل من يشد من أزره، ففي تشرين التحرير انتصر المقاتل العربي على ثقافة الهزيمة وجلد الذات واستبدل ذلك كله باستعادة زمام المبادرة واتخاذ القرار.. انطلقت الجحافل على الجبهتين السورية والمصرية وتم تجاوز خط آلون وعبور القناة في ملحمة عسكرية كان مقدراً لها أن تغير خارطة المنطقة لولا…. ولا أريد أن أضيف بعد لولا ما يقلل من ألق تشرين التحرير الملحمة العربية الأنصع في تاريخ الصراع مع الكيان الإسرائيلي المزروع عنوة في قلب الأمة لمنع التقاء مشرقها بمغربها، ولحماية مصالح قوى الشر والتسلط والهيمنة الساعية لبسط النفوذ والسيطرة على العالم كله باستخدام حق القوة وشريعة الغاب، وهيهات لدعاة الظلامية الجديدة أن يفلحوا في محاصرة النور والضياء مهما امتلكوا من أدوات القتل والفتك والإبادة.
ستبقى بطولات جنودنا الشجعان في حرب تشرين التحريرية، ومعركة تحرير مرصد جبل الشيخ مفخرة تعلم الأجيال معاني التضحية والبطولة والفداء، وستبقى جغرافيا الجولان الحبيب شاهدة على أشرس المعارك للدبابات ولبقية صنوف الأسلحة، وكيف وصلت طلائع القوات المقتحمة إلى مشارف بحيرة طبريا، وحتى بعد توقف القتال على الجبهة المصرية وتحول الجهد الرئيسي كله للعدو باتجاه الجبهة السورية تابع أبطال الجيش العربي السوري خوض أشرس المعارك وأكثرها تعقيداً على الرغم من الجسر الجوي الذي لم ينقطع على مدار الساعة بين واشنطن وتل أبيب، وسطر أبطال قواتنا المسلحة الباسلة أروع البطولات وأكثر الملاحم القتالية غنى بالدروس والتجارب، وأثبتوا أن المقاتل العربي كرار غير فرار، ومقبل غير مدبر وقادر على خوض أعنف المعارك وأكثرها خطورة، وأنه الأكفأ باستثمار أحدث الأسلحة بمهارة عالية أرغمت “غولدا مائير” رئيسة وزراء الكيان آنذاك على الصراخ: “يا إله إسرائيل نجنا من مدفعية السوريين” ولكن هيهات هيهات فقد استمرت المدفعية السورية تصب حممها على القوات المعادية على امتداد اثنين وثمانين يوماً في حرب الاستنزاف التي أطاحت بمقولة “الجيش الذي لا يقهر” وتبين أنه يُقْهَرُ ويُذَّلُ ويُهْزَمُ عندما تتوفر الإرادة لدى قيادة استراتيجية استطاعت في غضون أقل من ثلاث سنوات أن تعيد بناء الجيش وتسليحه وتجهيزه واتخاذ القرار بشن حرب التحرير وما أعقبها من حرب استنزاف أرغمت العدو على التسليم بتحرير جيب القنيطرة حيث ارتفع علم الجمهورية العربية السورية في سماء القنيطرة المحررة في الساس والعشرين من حزيران عام 1974 بيد القائد المؤسس حافظ الأسد طيب الله ثراه.
سورية اليوم بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد وعلى الرغم من مفرزات الحرب المستمرة في مواجهة الإرهاب التكفيري منذ آذار 2011م. ها هي تثبت للعالم كله أنها قلب العروبة النابض بكل مقومات العزة والسيادة والكرامة، وأن استقرار المنطقة وأمنها مشروط ان باستقرار سورية وأمنها أولاً وأخيراً.
تغمد الله بواسع رحمته قائد تشرين التحرير القائد المؤسس حافظ الأسد وأرواح جميع شهدائنا الأبرار الذين جددوا ألق تشرين التحرير ومعانيه ودلالاته..
مرة ثانية كل عام وأنتم بخير يا رجال قواتنا المسلحة الباسلة، وكل عام ووطننا الحبيب سورية الأسد بألف خير شعباً وجيشاً وقائداً مفدى.
دمشق في 6/10/2024م.