لم أكتب هذا المقال لتسليط الضوء على لقاء الفصائل الأخير في الصين، ولا عن الرسائل السياسية التي قد نفهمُها من مكان وزمان وحيثياتِ اللقاء. لكن دعونا ننظر إلى الأمور من زاوية مختلفة، فإصرارنا على عدم وجود وحدة وطنية مجانب للصواب.
حيث إن الأحداث التي مرت بها القضية الفلسطينية منذ نشأتها كانت مصحوبة بالتفاف شعبي كبير حول المقاومة – التي هي الفطرة السليمة لأي شخص طبيعي لا يعاني من مشاكل نفسية أو عقلية – كون المقاومة هي الطريق للحرية والاستقلال فلم يشهد التاريخ شعباً تحرر من دون مقاومة ، وتجلى ذلك الالتفاف الشعبي بشكل أكبر بعد ملحمة طوفان الأقصى البطولية، التي أبرزت للعالم الفرق بين الأُسود والجرذان، والفرق أيضاً بين الصقور و الغربان، حيث شاهدنا أبطال المقاومة وهم يسطرون أروع الملاحم البطولية.
وبعد هذا اليوم المجيد التحقت باقي فصائل المقاومة الفلسطينية بالطوفان ممثلة بأجنحتها العسكرية، وانخرطت في العمل المقاوم برفقة إخوانهم القساميين، بانسجام كبير فيما بينهم جميعاً. وفصائل المقاومة في غزة هي:
*حركة حماس، وجناحها العسكري كتائب القسام

  • حركة الجهاد الإسلامي، وجناحها العسكري سرايا القدس
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وجناحها العسكري كتائب الشهيد أبو علي مصطفى
  • الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وجناحها العسكري قوات الشهيد عمر القاسم
  • حركة المجاهدين الفلسطينية، وجناحها العسكري كتائب المجاهدين
  • حركة فتح الانتفاضة، وجناحها العسكري قوات العاصفة
  • حركة الأحرار الفلسطينية، وجناحها العسكري كتائب الأنصار
  • لجان المقاومة في فلسطين، وجناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وجناحها العسكري كتائب الشهيد جهاد جبريل.
    بالإضافة إلى قوى عسكرية ومجموعات ثورية وجهادية أخرى ليس لها مرجعية سياسية، وتعتمد اللامركزية، تتخذ الفكر الثوري والمبادئ الحقيقية الأصلية لحركة فتح مرجعيةً لها، وهي كتائب شهداء الأقصى، وكتائب شهداء الأقصى لواء العامودي، وكتائب الشهيد عبد القادر الحسيني. وقد سطرت هذه القوى أعظم البطولات برفقة باقي الفصائل.
    واجتماع هذه الفصائل كلها – المذكورة أعلاه – يمثل كافة التيارات الفكرية للشعب الفلسطيني، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. هذه الفصائل التي رغم تنوعها تراها متوحدة حول فكرة المقاومة. وتجلى ذلك مند بدء طوفان الأقصى، من خلال العديد من العمليات المشتركة التي جمعت بينها، والتي تمثل أجمل صور الوحدة الوطنية. بل إنها الوحدة الوطنية بمعناها الحقيقي، والتي تتمثل باتحاد كل تيارات وفئات وفصائل الشعب الفلسطيني، ملتحمة فيما بينها في الميدان في غزة وفي الضفة أيضاً.
    وعلى صعيد سياسي أرى أن الوحدة الوطنية التي تعيشها فلسطين غير مسبوقة. وتتجلى بإعلان كافة الفصائل الفلسطينية أن حماس تتكلم باسم كافة الفصائل، بل حتى باسم كل محور المقاومة في هذه المرحلة. مقدمين بذلك أروع نموذج للوحدة الوطنية يسرُّ الصديق ويؤلم العدو وأذنابه. فماذا نحتاج أكثر من ذلك لكي نقرَّ بوجود وحدة وطنية في فلسطين؟
    هل بقي تيار يمثل فئة من الشعب الفلسطيني لم أذكره؟؟ وما هو فكر هذا التيار؟ وهل هو يمتثل لإرادة الشعب؟ وهل تقف مواقف هذا التيار وأفعاله منذ بداية طوفان الأقصى مع الإرادة الشعبية الفلسطينية، أم مع المشروع الصهيوأمريكي؟
    وإذا كان هذا التيار يريد الوحدة، فهل يريدها على أساس مشروع وطني أساسه المقاومة، أم أساسه المساومة؟
    فلذلك بدلاً من أن نتباكى يومياً على عدم وجود وحدة وطنية، علينا أن نحضَّ من فاتته هذه الوحدة الوطنية القائمة فعلاً -والتي أبرزها هذا المقال- على أن يلحق بقطارها المسرع نحو الانتصار، حيث أنه إذا فرضنا قيام الوحدة الفلسطينية جدلاً، على أساس مشروع لا يتبنى فكر المقاومة، فسيكون هناك وحدة، لكنها وحدة غير وطنية.
    محمد دجاني -القدس