كتبَ الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير جريدة البناء الإلكترونية
الفوضى الأميركية
التعليق السياسي –
ليست القضية في نتائج استطلاعات الرأي التي تجريها الشركات المتخصصة حول من سوف يفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، فما بين أميركا والاستقرار السياسي مسافات شاسعة تكبر وتتسع.
تجتمع في هذه الانتخابات الرئاسية الأميركية كل عناصر الفوضى السياسي والانتخابية، فالرئيس السابق دونالد ترامب هو مرشح رئاسي نادر الوجود يتمتع بشعبية عدائية مستعدة لخرق النظام وحمل السلاح دعما لوصوله إلى البيت البيض، لمنع مرشح يحمل ملفات جنائية تلاحقه، بحيث يدخل إلى حفلة انتخابية وهو خارج من قاعة محكمة.
يحظى ترامب بدعم استثنائي بسبب تعرضه لمحاولة اغتيال جدية قتل منفذها، وبقيت ظروفها وخلفياتها غامضة، بصورة طرحت الكثير من التساؤلات حول الفوضى السياسية ومخاطر انزلاقها نحو الأحداث الدموية بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، ومحاولة اغتيال ترامب وحدها حدث نادر مع مرشح رئاسي في قلب العملية الانتخابية.
من الأحداث النادرة التي تطبع الانتخابات الرئاسية الأميركية إعلان الرئيس جو بايدن كمرشح لولاية ثانية تنحيه عن خوض السباق الرئاسي قبل شهور قليلة من موعد الانتخابات، وفي ظروف تعرض خلالها للطعن بأهليته العقلية على تولي الرئاسة، بعد حوادث مخجلة رافقت أداءه الإعلامي كرئيس في عدة مناسبات، أخطأ خلالها بأسماء الأشخاص البارزين الذين يتحدث عنهم، بصورة قدمته كشخص خرف غير مؤهل لتولي الرئاسة.
ترشيح بايدن نائبته كامالا هاريس وحصولها على دعم عدد من زعماء الحزب الديمقراطي يجعل طريقها لنيل ترشيح الحزب سهلا، لكن طريق الفوز بالرئاسة ليس كذلك، وسوف يصعب أن يرى الأميركيون منافسة ديمقراطية، لأن ترامب ممول جيدا وأخذ وقته بينما هاريس مطالبة بردم الهوة مع ترامب خلال فترة قصيرة، ولأن خطاب ترامب مبني على الطعن بالأهلية العقلية لبايدن وقد سقط الخطاب بتنحي بايدن، ولأن ترامب يتقن إدارة المناظرات الشخصية لا البرامجية، وسجل بايدن يوفر له هذه الفرص بينما سجل هاريس مخالف باعتبارها قاضية سابقة مشهود لها بالنزاهة والشجاعة، وربما تكون قادرة على فعل العكس لجهة امساكها بالملف القانوني لترامب.
أميركا في أزمة تحتاج إلى معجزة للخروج منها داخليا وخارجيا، والانتخابات الرئاسية تجري في مناخ انقسام عرقي عميق واحتقانات متعددة الوجوه، ما يبقى محاذير عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات من الحزبين أهم الترجيحات التي ترافق الانتخابات، وما تحمله من مخاطر الانزلاق نحو مواجهات دموية، سبق لترامب أن قال عنها، إن الحرب الأهلية خطر قائم.
ن