أكثر من 100 عام من الكفاح المسلح..النصر للمقاومة والخزي والعار للعملاء!
منذ حقبة الانتداب البريطاني والشعب الفلسطيني يولد من رحمه مجموعات ثورية وتيارات وأحزاب مقاومة رافضة للاحتلال، ساعية للتحرير وتقرير المصير.
ولو عدنا بالتاريخ إلى العام 1917 على الأقل، لوجدنا أن الشعب الفلسطيني منذ ذلك الحين إلى اليوم لم يترك وسيلة نضالية أو كفاحية إلا واستخدمها لنيل حريته وتحرير أرضه، ولم يرضخ.
مقاومو طوفان الأقصى هم امتداد لمقاومي 1917 و1936 و1948، فالقائد الشهيد يحيى السنوار مثلاً يُعتبر امتداداً للقائد الشهيد عبد القادر الحسيني، والمعارك التي خاضها المقاومون في خان يونس وغزة وبيت لاهيا ومخيم جنين هي امتداد للمعارك التي خاضها الشعب الفلسطيني في القسطل ويافا والرملة مروراً بمعركة قلعة شقيف أو الكرامة.
لم يُهزم الشهيد عبد القادر الحسيني، ولم يُهزم الشهيد يحيى السنوار، ولم يُهزم من كانت حقبته النضالية بينهما، الشهيد الرفيق غسان كنفاني الذي قال: “تسقط الأجساد لا الفكرة، المقاومة فكرة والفكرة لا تموت، ليس المهم أن يموت أحدنا.. المهم أن تستمروا”، واختزل القائد أسامة حمدان ما أنوي قوله، عندما قال في إحدى اللقاءات خلال الطوفان: “المقاومة لم تُعِد اختراع العجلة عندما قاومت”.
ولم يُعَد اختراع العجلة أيضاً عندما أخرجت لنا أوسلو وتم إيجاد أشخاص للتوقيع عليها، وما انبثق عنها من سلطة موالية للكيان، فالأمثلة المرادفة لهذا النموذج كثيرة كفيتنام مثلاً. وهنا إذا أردنا أن نتعمق في الأمور، نجد أوسلو لا تُعتبر رضوخًا وهزيمة للشعب الفلسطيني، بل لمن آمنوا بها واحتضنوها، وتُعتبر جزءًا من المؤامرة الكونية التي وقعت على الشعب الفلسطيني، والتي بدأت منذ وعد بلفور وما تلاه من تهافت دول العالم للاعتراف بالعصابات الصهيونية كدولة عضو في الأمم المتحدة تُسمى “إسرائيل”، التي نخوض معها حربًا شعبية طويلة الأمد.
لو اندلعت حرب بين دولتين ذاتَي سيادة، مستقلتين تملكان مقدرات عسكرية، يُقاس النصر والهزيمة بمعيار الأرقام بعدد الخسائر والمكاسب السياسية اللاحقة لتلك الحروب، وأكبر الأمثلة على ذلك ما جرى في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
أما إذا أردنا أن نقيس هذا على الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال منذ عقود وما سبقه من انتداب بريطاني، فلا نستطيع أن نُسقِط على حروبه ومواجهاته وانتفاضاته ضد الاحتلال الصهيوني نفس المعايير المستخدمة في الحروب الكلاسيكية المذكورة آنفًا.
مفاهيم النصر والهزيمة بالنسبة لحركات التحرر تختلف؛ فالمقاومة جدوى مستمرة، ومجرد بقائها انتصار، وهي بقيت ليس كمجرد فكرة فقط، فالمقاومة الفلسطينية ما زالت تحمل سلاحها، والعدو بحث للتفاوض معها، ووضعت شروطها عليه، ولم تتنازل عن ثوابتها، فهي بذلك بالتأكيد منتصرة ولم ترضخ، أما الرضوخ والانبطاح والاعتراف بالعدو فهو الهزيمة بعينها.
ليس خارقًا للتوقعات والحسابات أن الشعب الفلسطيني الذي يسعى لتحرير أرضه، من خلال تشكيله لفصائل مقاومة بشتى الأيديولوجيات التي تمثل تنوعه الفكري، أن تكون خسائره بلغة الأرقام كبيرة، وكيف لا وهو يواجه عدوًا كولونياليًا إرهابيًا وحشيًا مدعومًا من الولايات المتحدة الأمريكية وكافة الدول الإمبريالية والناتوية.
لكن رغم ذلك، استطاعت مقاومة الشعب الفلسطيني توجيه العديد من الضربات العسكرية القوية لهذا العدو الصهيوني، التي كان أبرزها عملية السابع من أكتوبر وما تلاها من عمليات بطولية هزت الكيان خلال طوفان الأقصى، الذي شكل أكبر خطر وجودي يهدد الكيان منذ تأسيسه.
وحققت عملية طوفان الأقصى مكاسب سياسية لا حصر لها، كان أبرزها إعادة القضية الفلسطينية كقضية أولى في العالم، بالإضافة إلى العزلة الدولية التي يعيشها الكيان.
المهزوم الحقيقي في معركة طوفان الأقصى هو كل عميل وخائن ومتخاذل وتابع للصهيوأمريكي، أما المقاومة الفلسطينية فانتصرَت وسوف تنتصر، فهي قامت لتحقيق المستحيل لا الممكن،وحبوب سنبلة تجف…ستملأ الوادي سنابل.
أبو الأمير – القدس